شدوى الصلاح
تباينت ردود فعل كتاب وناشطون سوريين على ما نشرته صحيفة “رأي اليوم” بشأن اجتماع وفد سعودي مع رئيس النظام السوري بشار الأسد في دمشق أمس الأول الإثنين 3 مايو/آيار 2021، واتفاقهما معه على إعادة العلاقات الدبلوماسية المقطوعة منذ 10 سنوات.
الصحيفة قالت إن السعودية ستعيد فتح سفارتها في دمشق مخطوة أولى، مشيرة إلى أن الوفد الدبلوماسي السعودي، بقياده رئيس جهاز المخابرات خالد الحميدان، أبلغ الأسد عدم ممانعة الرياض عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية، وحضور قمتها المقبلة في الجزائر.
الكتاب والناشطون السوريون انقسموا في حديثهم مع “الرأي الآخر” حول تقرير الصحيفة، إذ شكك فريق في حقيقة اللقاء السعودي السوري وألمحوا إلى أنها شائعات يقف وراءها نظام الأسد، فيما رأه آخرون أمراً وارد الحدوث في أعقاب مساعي التقارب السعودي الإيراني.
وبدوره، قال الكاتب والباحث السوري ياسر سعد الدين، إن القمة الأمنية بين الرياض ودمشق يمكن قرأتها في سياق التقارب السعودي الإيراني، والسعي لتسوية قضايا المنطقة بشكل شامل، مؤكداً أن الجميع أتعبته الحروب الاستنزافية والكورونا وتدهور الوضع الاقتصادي.
وأوضح أن هناك تحركات في المنطقة يرصدها بعض المحللين السياسيين، على أننا سنشهد صفقة كبيرة ستحل وتحلحل كثير من القضايا، لوجود ترتيبات كبيرة تجرى في المنطقة، منها الغزل السعودي لإيران والحديث عن لقاء سعودي إيراني في بغداد.
وأضاف سعد الدين، أن ذلك ضمن التقارب الأميركي مع إيران، قائلاً: نشهد حلحلة الملف النووي، وتقارب مصري تركي وتكميم أفواه المعارضين في تركيا وزيارة أنقرة إلى القاهرة، وغزل تركي للرياض وطمأنة بأن قضية اغتيال جمال خاشجقي تعتبر مغلقة بعدما قال القضاء السعودي كلمته”.
وتابع: “وفي السياق تأتي زيارة وزير الخارجية السعودي إلى قطر وتوجيه دعوته من الملك سلمان لأمير قطر لزيارة السعودية، وأيضا ضمن التقارب السعودي لإيران يشمل تسوية ليست واضحة”.
واستطرد سعد الدين: “الواضح من الخطاب السعودي وغزل ولي العهد محمد بن سلمان لإيران أن المملكة في وضع صعب، من ناحية الحوثي وإيران، معتبراً ما يحدث نوع من التسليم السعودي للأمر الإيراني”.
وأكد أنه جزء من التخبط السعودي لعدم وجود استراتيجية لدي السلطات الحاكمة وعلى رأسها ولي العهد، مختتماً: “لذلك أنا أقول دائماً عندما يحكم الغلمان تضيع الأوطان”.
واتفق الناشط المعارض مدير وكالة “شهبا برس” مأمون الخطيب، معه في الرأي، إذ أكد أن خبر اللقاء بين السعودية ونظام الأسد، لا يشكل أي صدمة لأي متابع للشأن السوري، في ظل التحرك السعودي تجاه إيران الذي كان واضحا في الأيام الأخيرة.
وأضاف أن السعودية باتت تبحث عن أي عامل يساعدها في الخروج من المستنقع الذي وضعت نفسها فيه من خلال الحرب اليمنية بعد أن أصبحت صواريخ ميلشيا الحوثي تستهدف مناطق حيوية في الداخل السعودي.
وربط الخطيب أيضا بين تعاقب إجراء اللقاء الأمني بين السعودية ونظام الأسد، مع الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى دول الخليج، مؤكداً أن ذلك لن يؤثر على السوريين لأن السعودية رفعت يدها عن دعم قوات المعارضة في مناطق نفوذ تركيا.
وأضاف أن السعودية كانت أحد أهم الداعمين لميلشيا قسد التي اغتصبت مناطق واسعة من الأراضي السورية بزعم محاربة تنظيم داعش.
وأكد أن عودة نظام الأسد للجامعة العربية لن تحقق له أي نتائج حقيقية ملموسة، نظراً لوجود قانون قيصر الذي يعاقب أي دولة أو كيان تساهم في إعادة إحياء النظام المتهالك، لكنها ستشكل له تلميع إضافي خاصة مع مسرحية الانتخابات المرتقبة المحسومة النتائج.
ورغم اتفاق الكاتب والصحفي السوري قتيبة ياسين، مع الخطيب، حول عدم جدوى عودة الأسد للجامعة العربية، إلا أنه شكك في حقيقة ذهاب وفد دبلوماسي سعودية إلى دمشق ولقاءه بنظام الأسد من الأساس.
وأشار إلى أن السعودية تختلف عن الإمارات في تعاملها مع الثورة السورية منذ بدايتها وحتى الآن، مستبعداً هذه النقلة التي تتحدث عن إعادة العلاقات الدبلوماسية رغم أن كل شيء يحدث بشكل غير منطقي وغير عقلاني –بحسب قوله-.
وأرجع ياسين سبب استبعاده أيضا لإجراء القمة الأمنية إلى أن “الجو العام في المملكة معادي للأسد”، قائلاً: “لا أظن أن بن سلمان يغامر بزيادة الحدة تجاهه مقابل شيء زهيد كإعادة السفارة السعودية المغلقة منذ مارس/آذار 2012 إلى دمشق”.
وأضاف” “قد يحدث تقارب سعودي سوري لكن ليس الآن ربما على حساب تسويات تكون حجة للعودة”، مستطرداً: “سمعنا مرة أن بن سلمان سأل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته له عن الأسد ونقل له تحياته، لكن السفارة شيء مختلف”.
وأكد الكاتب الصحفي السوري أن عودة النظام السوري لجامعة تلفظ أنفاسها في حقيقته خطوة لا تقدم ولا تؤخر لكن النظام سيعتبره نصر سياسي ويهلل له لأنه يبحث عن أي اعتراف يشعره أنه رئيس لأنه معزول بشكل يدفعه للترحيب بدولة ابخاريا غير المعترف بها.
واعتبرا الضربة الحقيقة بعودة الأسد للعالم، قائلاً إن اللقاء السعودي بالأسد إذا صح فإنه مناورة وجس نبض وربما محاولة لما يقال بأنه “استعادة الأسد من الحضن الإيراني”.
فيما اكتفى رئيس حركة العمل الوطني من أجل سوريا أحمد رمضان، بالتأكيد على أن اللقاء غير صحيح ولا توجد خطوات للتقارب السعودي السوري، متهماً النظام السوري بترويج الشائعات.
يشار إلى أن السعودية استدعت سفيرها من دمشق في أغسطس/آب 2011، احتجاجاً على شن الأسد حملة ضد الثورة السورية، وأغلقت في مارس/آذار 2012 سفارتها وسحبت جميع الدبلوماسيين والعاملين فيها.
فيما علقت الجامعة العربية عضوية النظام السوري في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2011، ودعت إلى سحب السفراء من دمشق، إلى حين تنفيذ النظام كامل تعهداته في توفير الحماية للمدنيين السوريين.