شدوى الصلاح
قال الباحث السوداني وخبير الإعلام والعلاقات الإعلامية والشرق الأوسط وشمال إفريقيا صديق عثمان، إن تسريب بعض المواقع السودانية، أنباء عن مساعي وزارية لإقرار مشروع قانون جديد يستهدف حظر تيارات إسلامية وتصنيفها إرهابية “بالون اختبار”.
واتهم في حديثه مع “الرأي الآخر”، دولة الإمارات بمحاولة استخدام السلطة ضد الإسلاميين في السودان بذات الطريقة التي استخدمتها في مصر، مشيراً إلى أن تلك الجهات لا تفهم طبيعة الدولة السودانية لأن مرجعيتها والقوامة للمجتمع وليس للسلطة.
وأضاف عثمان أن السودان ليس مصر أو سوريا، مؤكداً أن المجتمع لا يزال أكبر وأقوى من السلطة المركزية، ولذلك استطاع القيام بثلاث ثورات سلمية ضد السلطة المركزية في جميع أشكالها الوطنية والاشتراكية والإسلامية.
وأوضح أن في مصر السلطة هي الأصل وجماعة الإخوان خرجت من مجتمعها، حيث مصدر قوتها ومرجعيتها ومشروعيتها ودخلت نادي السلطة التي أغرتها بتولي الرئاسة ثم انقلبت عليها.
وتابع الباحث السوداني: “أما في السودان الأمر ليس كذلك، ولذلك عندما تآمرت السلطة على الحزب الشيوعي وحلته وطردت نوابه، أعاده المجتمع ومنحه المشروعية، ليس لأنه يتفق مع أطروحاته ولكن إيمانا بأن من حقه أن يطرح أفكاره.
ولفت إلى أن المجتمع السوداني الآن يقاوم ويتصدى لمحاولات العلمنة وفرض تشريعات وسياسات والمصادقة على معاهدات لا تشبه قيمه ومرجعياته الأخلاقية والفكرية، مشدداً على أن رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان، لا يملك أدنى تفويض لتوقيع اتفاق مع أي كيان خارجي.
وأكد عثمان أن كل ما يقوم به البرهان سيذهب إذا قامت انتخابات أو حدثت تطورات أدت إلى استيلاء الجيش على السلطة، موضحاً أن في كلا الحالتين ستسقط كل السياسات والتشريعات التي تجريها السلطة الانتقالية.
واستدل على حديثه بقدرة المجتمع السوداني خلال الفترة الماضية على عمل تمحيص لعناصر السلطة التنفيذية، وإجبار الحكومة على إبعاد عدد من المتطرفين خاصة الذين تولوا ملفات التربية والتعليم والصحة.
ورأى عثمان أن السياسات والتشريعات التي تصدرها السلطة الانتقالية الحالية ومنها التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، تكشف انتهازية بعض الأطراف الدولية التي تحاول تمرير هذه الاتفاقات والتشريعات والسياسات ولا تبالي بمشروعية السلطة التي توقع عليها.
وأكد أن الإمارات وراء محاولات تمرير القوانين المناهضة للإسلاميين، مشيراً إلى أنها لا تخفي أنها تقوم بدور الوكيل الإقليمي للسياسات الغربية المستهدفة للتيارات الوطنية الإسلامية لأنها تمثل البديل الموضوعي للنظام السياسي الذي فرضه المستعمر على شعوبنا.
وبين عثمان أن المستعمر فرض نظام جباية استعمارية يضمن استمرار استفادته من الموارد وتغييب القرار الوطني المستقل، مذكراً بأن انسحاب الإسلاميين من السلطة كاد يحدث انهيار للدولة السودانية، وهذا ما أدركته السلطة الانتقالية والقوى الدولية والإقليمية العاقلة.
وشدد على أن محاولات القوى العلمانية واليسارية إغراء الإمارات بالمضي قدما في ضغوطها لإزاحة الإسلاميين من المشهد السياسي فيه انتهازية وطفولة سياسية، محذراً من أن إقصاء الإسلاميين يعني انهيار الدولة السودانية وحدوث ارتدادات واسعة في محيط السودان.
وأشار الباحث السوداني إلى أن التاريخ السياسي الاجتماعي للمنطقة يؤكد أن أي تغيير فكري سياسي في السودان سرعان ما يحدث دائرة واسعة من التأثير على جيرانه.
وأوضح أن في الستينات نشط التيار الشيوعي واليساري عموماً واستطاع بالفعل الاستيلاء على السلطة بالانقلاب العسكري فتبعه مباشرة انقلاب إثيوبيا ثم اليمن وليبيا، مشيراً إلى أن معظم هذه التغييرات كان وراءها عرابون سودانيون قريبين من حركات التغيير في تلك البلدان.
وتابع عثمان: “عندما وقع انقلاب الإنقاذ تبعه انقلاب في تشاد وثورة في إثيوبيا وإريتريا ووحدة في اليمن واضطر القذافي إلى مصادقة السودان وكف يده عن دعم حركة جون قرنق حتى يضمن استقرار حكمه”.
يشار إلى أن موقع “سودانيز أون لاين” كشف الأربعاء 5 مايو/أيار 2021، أن لجنة مشتركة من وزارتي العدل والشؤون الدينية والأوقاف، وضعت مشروع قانون جديد، يستهدف الإسلاميين في البلاد.
وأوضح أنه يتضمن اعتبار تنظيمات التيار الإسلامي “جماعات إرهابية”، ويصر على حظر الأحزاب القائمة على أساس ديني، ومنع أنشطتها وتجريم تجمعاتها، بالإضافة لملاحقة المناصرين لها بالداخل والخارج.
وأضاف أن القانون يعيد تعريف “الجماعة الإرهابية” بأنها كل جماعة أو جمعية أو هيئة أو رابطة أو حزب أو منظمة مؤلفة من 5 أشخاص على الأقل، ومرتبطة بأي من أفرع الحركة الإسلامية السودانية، أو متقاربة معها في الأفكار والتصورات، أيا كان شكلها القانوني أو الواقعي.
وأضاف أن من المقرر عرض مشروع القانون في الاجتماع المشترك المقبل لمجلسي السيادة والوزراء لإجازته.