شدوى الصلاح
قال الخبير الفلسطيني الدكتور أحمد عطاونة -مدير مركز رؤية للتنمية السياسية، إن نزع الحصانة والرعاية الأميركية عن الاحتلال الإسرائيلي، يتطلب إفقاده دوره، وأن تصبح دول المنطقة قادرة على رعاية مصالحها بمعزل عن الإدارة الأميركية.
وأكد في حديثه مع “الرأي الآخر” أن ما تقوم به المقاومة الفلسطينية اليوم وعلى مدار السنوات الماضية من إسقاط لدور هذا الكيان، قد يؤدي في لحظة ما إلى اقتناع أميركا وغيرها من الدول إلى أن هذا الكيان لم يعد قادراً على القيام بوظيفته ومن ثم يتوقف عن رعايته له.
وأوضح عطاونة، أن الدعم الأميركي للاحتلال الإسرائيلي يأتي في سياقين، الأول “سياسي استعماري استيطاني” وهو مرتبط بأن أميركا تعتبر نفسها وريث الامبراطورية البريطانية العظمى في العالم، ومعنية بإسرائيل كقاعدة استيطانية استعمارية وعسكرية متقدمة.
وذكر بقول الرئيس الأميركي جو بايدن في السابق: “لو لم تكن إسرائيل موجودة كان ينبغي أن نخترع إسرائيل”، مشيراً إلى الحديث عن لو لم تكن إسرائيل موجودة كم قاعدة عسكرية وكم من مئات ألاف الجنود تحتاج أميركا لتكون موجودة بالمنطقة وتقوم بدور إسرائيل.
وأكد عطاونة، أن ذلك مؤشر مهم على أن إسرائيل دولة وظيفية تخدم الأهداف الاستعمارية وأهداف السيطرة الأميركية بالمنطقة وبالتالي الرعاية الأميركية تأتي من هنا، موضحاً أن السياق الثاني هو “البعد الأيدلوجي المرتبط بالبعد الديني”.
وبين أن فكرة كون الولايات المتحدة دولة بروتستانية تؤمن بفكرة إعادة اليهود وتجميعهم في فلسطين لأن ذلك يسهل من وجهة نظرهم فكرة عودة المسيح وإقامة الألفية السعيدة، مشيراً إلى أن ذلك حاضر بقوة لدى الجمهوريين وفي أوساط بعض السياسيين الأميركيين.
ولفت مدير مركز رؤية للتنمية السياسية إلى أن ذلك واحد من أهم أسباب الدعم القوي لإسرائيل، ويرأه الأميركيين التزام أخلاقي، مؤكداً أن مواجهة ذلك يحتاج إلى جهد ذات طبيعة ثقافية توعوية سياسية لإثبات أن ذلك خرافة لا ينبغي أن تتحكم في السياسات.
وأوضح أن في الأساس هناك خلاف بين الصهيونية المسيحية والصهيونية اليهودية، إذ يعتقد البروتستانت المسيحيين وجوب تجميع اليهود وتنصيرهم لكي يعود المسيح، أما الصهيونية اليهودية، تعتقد في الهيكل وإقامة كيان خاص باليهود.
وأضاف عطاونة، أن أميركا ستتخلى أيضا عن دعم إسرائيل حين تصبح عبء عليها، ولا تستطيع تلبية احتياجاتها ومصالحها، وبدلا من أن تقوم تل أبيب بدورها تحتاج حماية مرهقة لواشنطن وتمس مصالحها.
وأشار إلى أن السياسة الأميركية براغماتية لأبعد الحدود مرتبطة فقط بالمصالح، وعليه يجب إسقاط هذا الكيان لإضعاف دوره ويصبح غير قادراً على القيام به.
وشدد مدير مركز رؤية للتنمية السياسية، على ضرورة أن تصبح دول المنطقة المحيطة بفلسطين قادرة على رعاية مصالحها ومصالح شعوبها بمفردها وبمعزل عن الإدارة والهيمنة الأميركية.
وأكد عطاونة، أن حينها يمكن ممارسة الضغط على أميركا لترفع يدها عن إسرائيل باعتباره كيان غير شرعي وغير طبيعي لا ينتمي إلى المنطقة ولا تاريخها ولا ديانتها ولا لغتها ولا أي مكون آخر، سوى أنه كيان دخيل موجود بقوة السلاح والهيمنة الدولية من أميركا وغيرها.
واستطرد: “بالتالي لو أصبحت هذه الدول قادرة على فرض أمنها القومي ورعاية مصالحها الخاصة، فهذا تهديد للعلاقة بين أميركا وإسرائيل، وسيكون محل النقاش أن مصالح الولايات المتحدة مقدمة على إسرائيل ويمكن أن يدفعها للتراجع عن سياستها.
يشار إلى أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، تمنح غطاء سياسي وعسكري لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لمواصلة عدوانه على الفلسطينيين منذ 10 مايو/أيار 2021.
وعرقلت الإدارة الأميركية إصدار مجلس الأمن بياناً مشتركاً يطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار ويدين إسرائيل، ووافقت على بيع أسلحة دقيقة التوجيه بقيمة 735 مليون دولار أميركي إلى إسرائيل.
ويأتي ذلك في الوقت الذي يتعرض فيه قطاع غزة لقصف إسرائيلي عنيف، وشهد شمال غزة في ساعة مبكرة من صباح الخميس أكثر من 100 غارة جوية إسرائيلية.
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فقد أسفر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عن سقوط 232 شهيد بينهم 65 طفل و 39 سيدة و 17 مسن، إضافة إلى وقوع 1900 مصاب بجراح مختلفة.