اتهم زعيم رابع أكبر كتلة في البرلمان التونسي المعلق الرئيس قيس سعيد باستخدام القضاء العسكري لقمع النواب الذين عارضوا استيلائه على السلطة في يوليو/ تموز.
ويختبئ سيف الدين مخلوف، رئيس تحالف الكرامة، حاليًا في تونس، إلى جانب نائبي البرلمان نضال السعودي ومحمد العفاس، خوفًا من اعتقالهما في إطار تحقيق عسكري.
وقال مخلوف إن القضية تعود إلى 15 مارس / آذار، عندما مُنعت امرأة تونسية تعسفاً من السفر في مطار قرطاج بتونس العاصمة.
وتواصلت المرأة مع المحامي مهدي زغروبة وأعضاء تحالف الكرامة طالبة المساعدة في لم شملها مع أطفالها، الذين سُمح لهم بالسفر في نفس اليوم، وتركوها وراءهم في المطار دون تفسير من السلطات.
وسُمح للمرأة في النهاية بالسفر، لكن النواب والمحامي أصبحوا منذ ذلك الحين هدفًا لعدة تحقيقات.
وتواصل مخلوف والسعودي، أثناء وجودهما في المطار، بوزارة الداخلية للإبلاغ عن الحادث.
وبعد ساعات، تم إرسال قوة من الشرطة إلى المطار وزُعم أنها اعتدت لفظيًا على النواب الحاضرين، بمن فيهم مخلوف وسعودي وأحمد بن عايد وماهر زيد وعبد اللطيف علوي، وجميعهم من أعضاء الكرامة.
وعقب المشاجرة، رفع رجال الشرطة دعوى أمام محكمة مدنية يتهمون النواب بالاعتداء عليهم في المطار.
وظلت القضية في مرحلة التحقيقات مع القضاء المدني حتى 25 يوليو، وهو اليوم الذي أقال فيه سعيد رئيس الوزراء بشكل دراماتيكي، وعلق البرلمان ورفع الحصانة عن جميع النواب، مما مهد الطريق لمقاضاتهم.
ونددت غالبية القوى السياسية بالإجراءات الرئاسية ووصفتها بأنها “انقلاب دستوري” وأغرقت البلاد في مزيد من الاضطرابات السياسية والاقتصادية.
قال مخلوف: “بعد خمس دقائق من منتصف ليل 25 يوليو/ تموز، رفع مسؤولو الأمن قضية جديدة، هذه المرة أمام محكمة عسكرية”، مضيفًا أن الدستور التونسي لا يسمح بالنظر في قضيتين أمام محكمتين مختلفتين.
وذكر أن المحكمة الأصلية هي الوحيدة المناسبة للنظر في القضية.
ومن المقرر أن تبت محكمة استئناف فيما إذا كان ينبغي إعادة القضية إلى القضاء المدني.
ووفقًا لأمر الاستدعاء، فإن التهم الموجهة ضد مخلوف وزملائه النواب تشمل: “قيادة مؤامرة ضد أمن الدولة الداخلي بهدف تغيير شخصية الدولة، وتحريض السكان ضد بعضهم البعض لاستفزاز مدني مسلح، والفتنة وتهديد المسؤولين بالعنف ومنعهم من القيام بواجباتهم”
كما يواجه المحامي مهدي زغروبة، غير المنتمي إلى الكرامة، نفس التهم أمام محكمة عسكرية، وهو مسجون منذ 2 سبتمبر / أيلول في سجن المرناقية التونسي.
وأثارت محاكمة زغروبة احتجاجات تضامنية من المحامين الذين هددوا بالإضراب العام إذا لم تُسحب قضيته من المحكمة العسكرية.
ووصف التحقيق العسكري الجديد بأنه “إجراء انتقامي” من سعيد، الذي تولى سلطات قضائية واسعة منذ يوليو / تموز، وتقلد منصب النائب العام.
وقال مخلوف “أعضاء ائتلاف الكرامة كانوا الأكثر صراحة ضد انقلاب سعيد، ودعوت شخصيا إلى مقاضاة سعيد لانتهاكه الدستور”.
وأوضح أن القضاء العسكري في تونس هو قضاء استثنائي يسيطر عليه وزير الدفاع، في وقت أقال سعيد وزير الدفاع، مما أعطى الرئيس صلاحيات متزايدة على القضاء العسكري.
وبعد سبعة أسابيع من استيلائه المثير للجدل على السلطة، لم يعالج سعيد مخاوف منتقديه، ولم يعين رئيس وزراء جديدًا ولم يعلن خطته للحكم.
كما انتقد سعيد البرلمان باعتباره مؤسسة تمثل “تهديدًا للدولة”، وقال إنه سيعدل الدستور.
وانتقدت هيومن رايتس ووتش تحركات سعيد باعتبارها “أعمال قمع تعسفية وذات دوافع سياسية”.
ومنذ 25 يوليو، قالت هيومن رايتس ووتش إن ثلاثة نواب سُجنوا فيما يتعلق بجرائم حرية التعبير، وتم وضع ما لا يقل عن 50 شخصًا قيد الإقامة الجبرية التعسفية، وواجه العشرات حظرًا من السفر.
ويخضع ما لا يقل عن 10 نواب للتحقيقات منذ إعلان سعيد، أربعة منهم رهن الاعتقال.
وفي غضون ذلك، يواجه سعيد دعوات محلية ودولية لاستعادة الحكم الديمقراطي.