- نية الإصلاح بالسعودية تستوجب إطلاق سراح الإصلاحيين وأولهم سلمان العودة
- يجب أفتكاك حصن الدين الدفاعي الذي تستعمله السلطة السعودية
- السعوديون يظلمون وراء ستار التعارض المزعوم بين الإسلام و الديمقراطية
- لا حلّ في تونس غير عزل الرئيس “الشرعي سابقا” ومحاكمته
- تونس ستواجه الإفلاس والفوضى إذا استمر انقلاب سعيد على مؤسسات الدولة
- الإعلام والأحزاب الفاسدة والنظام الانتخابي سبب خراب التجربة الديمقراطية
- أينما يكون هناك إسلاميون فهذا يقلل من ذنوب المنقلبين
- سعيد يغازل الاستئصاليين من النظام القديم بإغلاق إذاعة القرآن الكريم
- الجيش لن يقف بجانب سعيد المنقلب عندما تتحرك المظاهرات لإسقاطه
- جزء كبير من فرح عموم الناس بالانقلاب كان شماتة في “نهضة الغنوشي”
شدوى الصلاح
اعتادت شعوب دول الربيع العربي على بروز اسم المملكة السعودية والإمارات المتحدة كأطراف أساسيين في زعزعة الأمن ودعم الانقلاب على الحكومات الشرعية والعبث بالدستور، ثم يمارسون دور الضحية وشيطنة الرافضين للانقلاب والمناهضين لهم واتهامهم بالخيانة وإثارة الفتن.
هذا ما حدث فعلياً في كل الدول التي شهدت ثورات رافضة للفساد أطاحت بالأنظمة الحاكمة بدأت في 2011، وعلى رأسهم تونس، التي كانت شرارة ثورات الربيع، والتي تمكن شعبها بثورة الياسمين من الإطاحة بزين العابدين بن علي، الذي هرب بطائرة إلى مدينة جدة في السعودية.
وخلال مسعى الانتقال إلى الديمقراطية على مدار 10 سنوات، شهدت تونس عثرات قوية تكشف وقوف دول عرفت بمحور الشر “السعودية والإمارات ومصر” وراءها، آخرها دعم انقلاب الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو/تموز 2021، والتلطف في تمريره بعبارة “تدابير استثنائية”.
استولى سعيد بموجبها على السلطة كاملة وأعفى رئيس الحكومة هشام المشيشي، وحل مجلس النواب الذي يرأسه راشد الغنوشي، ورفع الحصانة عن جميع النواب، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وغيرها من القرارات الأخرى التي يرفضها قطاع واسع من الشعب التونسي.
تتابع الأحداث واتجاهها نحو مزيد من التعقيد في ظل إصرار سعيد على موقفه وضلوع الدول الخليجية في تبيض انقلابه ومساندته اقتصادياً وسياسياً وإعلامياً، طرح العديد من التساؤلات، لذلك حاورت “الرأي الآخر” رئيس تونس السابق الدكتور محمد المنصف المرزوقي، للإجابة عليها.
إليكم تفاصيل الحوار
** ما قراءتك للمشهد الحالي في تونس؟ وما إمكانية الخروج من الأزمة الراهنة وإنهاء انقلاب سعيد؟
إنه انقلاب على الدستور والشرعية يفاقم عدم الاستقرار السياسي الذي يفاقم الأزمة الاقتصادية الذي يفاقم الأزمة النفسية التي يعيشها اليوم الشعب التونسي.
لا حلّ غير إنهاء الانقلاب أي عزل الرئيس “الشرعي سابقا” ومحاكمته وانتخابات برلمانية ورئاسية في أسرع وقت لتعود المكنة الاقتصادية المتوقفة للعمل وإلا فإنه الإفلاس والفوضى.
** بعدما تلاعب سعيد بالقوانين وانقلب على الدستور ما القانون الذي تتمنى إقراره لو عدت للرئاسة مرة أخرى؟
القانون الانتخابي وقانون الأحزاب وقانون الإعلام لأن الإعلام الفاسد والأحزاب الفاسدة والنظام الانتخابي يمنع قيام أي أغلبية وهم سبب خراب التجربة الديمقراطية.
** هل ترى أن سحب جوازك الدبلوماسي ثمناً لمناهضتك للانقلاب ورفضك للتدخلات الخارجية؟
انتقام رخيص.
** كيف ترى حملات التشويه التي تطالك ويقودها الإعلام الموالي لسعيد وإعلام دول محور الشر؟
متعود. خونوني في عهد بورقيبة وبن علي. الرجل الذي تعرض لمحاولتي اغتيال في عهد بن علي وركب البحر للوصول لغزة مخاطرا بحياته سنة 2015 آخر همه جواز سفر أو حملة تشويه.
** ما تعليقك على تبني سعيد خطابات تخوين وتشويه ضد خصومه؟ وماذا يستفيد من ذلك؟
علامة مسجلة للاستبداد.. العقل الديمقراطي هو العقل الذي يقبل بالتعددية الفكرية والسياسية ويحاور الخصوم ويبحث عن توافقات شريطة ألا تمس الثوابت والقيم.
العقل الاستبدادي على طرف النفيض. هو لا يقبل النقد وكل ناقد خائن إلخ. مساكين هؤلاء الناس، مواقف تجاوزها الزمن السياسي لكن ما بالطبع لا يتغيّر.
** لماذا لم تضغط أمريكا وبريطانيا وفرنسا لإعادة البرلمان المُنتخب في تونس كما تفعل اليوم في السودان؟
اعتقد أنهم ضغطوا باحتشام لكن المشكلة دوما أنه أينما يكون هناك إسلاميون فهذا يقلل من ذنوب المنقلبين.
** بما تفسر إغلاق قيس سعيد لإذاعة القرآن الكريم؟ وهل من شروط الجلوس على كرسي الحكم التجرؤ على الإسلام؟
أعتقد أنه يغازل الاستئصاليين من النظام القديم لأنه يشعر أنهم يبتعدون عنه وينتقدونه يوما بعد يوم.
المضحك في الأمر أن الرجل جعل من تدينه وسيلة عمل حيث كانت صلواته دوما تقع تحت عيون الكاميرا وهو مرتبط أوثق الارتباط بحزب سياسي إسلامي هو حزب التحرير الذي دعمه في حملته الرئاسية ولا زال.
** لماذا لم يتدخل الجيش التونسي لحماية تونس من انقلاب سعيد؟ وهل يمكن تصنيفه جيشا انقلابيا؟
الجيش التونسي جيش مهني منضبط لا يتدخل في السياسة. هو إلى حدّ الانقلاب كان يأتمر بأوامر رئيس شرعي انتخب ديمقراطيا بعدد كبير من الأصوات. الآن الوضع يتغيّر لأنه أمام رئيس غير شرعي يدفع بالتونسيين للتباغض وارتهن السيادة الوطنية لمحور الشرّ.
بالتالي أعتقد أنه لن يقف بجانب المنقلب عندما تتحرك المظاهرات السلمية لإزاحة هذا الرجل الذي كذب على الله وحنث بوعده وخان الأمانة ودفع بتونس إلى مهالك لن يسكت عليها الجيش.
** في مسعى لإجهاض التجربة الديمقراطية بتونس، أقام سعيد تحالفات مع النظامين السعودي والإماراتي، فلماذا ارتمى في أحضانهم؟ ولماذا يساعدوه في ذلك؟
لأنهم من نفس الطينة الاستبدادية ولأنه لم يجد حلفاء غيرهم.
** لماذا تدعم السعودية اقتصاد تونس وتعبئ خزينتها الآن؟ وما الفائدة التي تجنيها من الانقلاب؟
لست متيقنا أنها تعطي شيئا آخر غير الوعود وإن أعطت فلن يسعف ذلك المنقلب إلا ببعض الوقت لأن زيادة عدم الاستقرار السياسي هو ما ينتظر اقتصاد منهك ودولة على باب الإفلاس وبالتالي فكل الأموال لإطالة عمر الانقلاب ستذهب هباء منثورا.
** لماذا شوه إعلام دول محور الشر الأحزاب الكبرى التي كانت تحكم تونس؟
هذه الأنظمة تخشى من الديمقراطية بما تحمل من إنهاء استفراد شخص أو عائلة بالثروة والسلطة والاعتبار. لذلك يجب ذم الديمقراطية والتشكيك فيها بكل الوسائل وضربها في نقط ضعفها وهي كثيرة ومعروفة منها الأحزاب الفاسدة.
** ما الأخطاء التي ارتكبتها النهضة؟ وما تقيمك لتعاملها مع انقلاب سعيد؟
جزء كبير من فرح عموم الناس بالانقلاب كان شماتة في نهضة راشد الغنوشي وكرها لها بعد أن تخلّت عن الثورة التي أوصلتها للحكم في انتخابات 2014 لما دعا زعيمها للتصويت لمرشح الثورة المضادة الباجي قايد السبسي ضدي أنا مرشح الثورة.
ثم لما تحالفت النهضة مع أحزاب الفساد التي حكمت تونس من 2014 إلى 2019 ثم لما تواصل تحالفها مع الفاسدين ليتمكن الغنوشي من البقاء على رأس البرلمان.
نحن لسنا أمام أخطاء وإنما أمام خطايا سياسية وأخلاقية رمت الشعب في أحضان الانقلاب.
في البداية كان تعاملها كالعادة بالغ الانتهازية إلى درجة أنها رفضت وصفه بالانقلاب.
الآن تصرخ بالاحتجاج لكن لا أحد يثق فيها لكثرة ما عودت التوانسة على الصفقات التي تسميها توافقات وهي معزولة تماما خاصة بعد الانشقاق الذي حدث فيها مؤخرا احتجاجا على سياسات شكلت كارثة على الثورة وعلى الديمقراطية وأقولها على تونس ككل.
** في كلمتك بالمؤتمر السنوي الأول لحزب التجمع الوطني السعودي المعارض قلت إن المملكة السعودية ليس أمامها خيار إلا الإصلاح أو الثورة ودعوت السلطة للقبول بالإصلاح فبرأيك ما هي خطوات الإصلاح المطلوبة في السعودية؟
إذا كانت هناك نية إصلاح فلابد من إطلاق سراح الإصلاحيين وعلى رأسهم الشيخ سلمان العودة ثم الاستماع إليهم وإلى الحركات الديمقراطية والشخصيات الاعتبارية، فهم أعرف مني بالإصلاحات المطلوبة في السعودية.
** هل يمكن تحقيق الإصلاح في ظل سلطة مطلقة بيد بن سلمان؟
بقاء الحال من المحال. السؤال هل سيكون لحكام السعودية ما يكفي من الشجاعة وبعد النظر للدخول في الإصلاحات التي ستمنع الانفجارات أم أن جهلهم بالتاريخ وغرورهم سيعمي منهم البصر والبصيرة ليفيقوا يوما وقد انهار السقف فوق رؤوسهم.
** ما هي قدرات الشعب السعودي للقيام بثورة؟ وماذا يملك من آليات لتحقيق التغيير؟
إنها قدرات كل الشعوب التي عاشت استئثار أقلية فاسدة بالثروة والسلطة والاعتبار وتاريخها يمر بنفس المراحل التي مرت بها الشعوب التي تحررت: مرحلة التحمل. مرحلة نفاذ الصبر. مرحلة الاحتجاج السلبي. مرحلة الاحتجاج الإيجابي. مرحلة الثورة.
** لماذا ترى أن الديمقراطية ممنوعة على السعوديين بصفة خاصة؟
تستعمل الأقلية الحاكمة الدين كحصن دفاعي ضدّ أفكار الديمقراطية. يجب أفتكاك هذا الحصن ليتعرى الظلم الذي يتعرض له الشعب السعودي وراء ستار التعارض المزعوم بين الإسلام و الديمقراطية.
**لماذا اقترن اسم السعودية والإمارات بتمويل الانقلابات؟
منذ 2011 والإمارات تعتبر نفسها مكلفة بإجهاض ثورات الربيع العربي إذ رأت فيه خطرين الإسلام السياسي والديمقراطية، وهما أخشى ما تخشاه الأنظمة الاستبدادية لأنهما خطر على أنظمة فاسدة وتابعة.
أعتقد أن السعودية انخرطت في هذه الحرب المقدسة والثمن جرائم النظامين ومسؤوليتهما في تدمير اليمن وسوريا وليبيا والانقلاب في مصر في تونس وفي السودان.
** ماذا يستفيدان “السعودية والإمارات” من إدخال البلدان الأخرى في حروب وصراعات وفوضى مستمرة؟
لا أبالغ في القول إنهما لا تجنيان إلا تطويل أمد الاستبداد في البلدين وفي البلدان المنكوبة بتدخلهما لكنها معركة خاسرة مسبقا.