تسلط العديد من المنظمات والمؤسسات الحقوقية الضوء على ملف المعتقلين سيء السمعة في البحرين، الذي يشهد خروقات فادحة لحقوق الإنسان، ويواصل الحقوقيون بالداخل البحريني وفي الخارج، الكشف عن انتهاكات السلطات الصارخة للحقوق والحريات.
ومع الاحتفال باليوم الوطني للبحرين، الموافق 16-17 ديسمبر/كانون الأول من كل عام، وبينما تسعى الحكومة لتنظيم الفاعليات، يقبع خلف أسوار السجون آلاف المعتقلين السياسيين جراء آرائهم ومطالبهم المشروعة، في أوضاع غير إنسانية وصفت بأنها الأسوأ على الإطلاق.
المعتقل حسن مشيمع (73 عاما)، أحد أبرز معتقلي الرأي في البحرين والمحتجز في سجن جو سيء السمعة، وهو زعيم المعارضة البحرينية، ومن أهم دعاة احترام حقوق الإنسان، حكم عليه بالسجن على خلفية مشاركته في الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في 2011.
ويواجه كل من الحقوقي عبد الهادي الخواجة، والقيادي المعارض عبد الوهاب حسين، والأكاديمي عبد الجليل السنكيس، إضافة إلى مشيمع، منذ 2011، عقوبة السجن مدى الحياة، بعد محاكمات هزلية وتُهم مزعومة بحقهم من قبل النظام، وغيرهم العشرات.
ويحمل علي المشيمع نجل المعتقل، مسؤولية التعريف بقضية والده وبقية المعتقلين عالميا، حيث دخل في إضراب عن الطعام منذ أكثر من 20 يوما، وكذلك للتضامن مع المعتقل السنكيس المضرب عن الطعام منذ 8 يوليو/ تموز 2021، للمطالبة بإعادة أبحاثه التي صادرتها إدارة السجن.
ومن جانبه، تضامن حزب التجمع الوطني السعودي المعارض، وأيضا منظمة القسط لحقوق الإنسان، مع علي المشيمع في وقفته الاحتجاجية أمام مقر السفارة البحرينية في لندن، منذ بداية ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وفي يوليو/تموز 2021، نشرت منظمة العفو الدولية ملفا خاصا عن مشيمع، رئيس منظمة حق المعارضة، الذي ما زال يعاني من الاعتقال حتى الآن، حيث طالبت المنظمة بالإفراج عن مشيمع لتدهور حالته الصحية، مع بقية المعتقلين، مشيرة إلى قضائه 3730 يوما في السجن.
ودشنت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين، والمركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان، موقعا إلكترونيا، لتسليط الضوء على قضية المعتقل مشيمع ونشرها عالميا لفضح انتهاكات السلطات البحرينية في المجال الحقوقي.
منظمة هيومن رايتس ووتش، دعت حكومة البحرين في 14 ديسمبر/كانون الأول 2021، إلى العفو عن سجناء الرأي بمناسبة العيد الوطني للبلاد، والإفراج عن من سجنوا لممارسة حقهم في حرية الرأي والتعبير، ومن بينهم الصحافيون، والحقوقيون، والمعارضون السياسيون.
وأكدت المنظمة، أن الناشطين السياسيين والحقوقيين البحرينيين، ما كان يجب أن يمكثوا يوما واحدا بالسجون، مطالبة السلطات البحرينية بالإفراج دون قيد أو شرط عن كافة المحكوم عليهم بسبب معتقداتهم السياسية بتهم تعسفية ومحاكمات ظالمة.
وأشارت إحصاءات حقوقية، إلى أن البحرين تمتلك أحد أعلى معدلات السَّجن بالنسبة لعدد سكانها في منطقة الشرق الأوسط، وذلك في الفترة بين يونيو/حزيران 2020 ومايو/أيار 2021، إذ جرى اعتقال ومحاكمة 58 شخصا بسبب نشر آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وحذرت رايتس ووتش، من الإهمال الطبي ونقص الرعاية الصحية المتعمد في جميع السجون البحرينية، مشيرة إلى احتجاجات مشيمع، والسنكيس المستمرة على أوضاع الاعتقال غير الإنسانية، إضافة إلى التعنيف وسوء المعاملة.
واستكمالا لملف الانتهاكات الحقوقية، نشرت قناة الجزيرة عبر برنامجها “المسافة صفر” ملفا بعنوان “الحوض الجاف”، أفاد بأن ما لا يقل عن 607 طفلا تعرضوا في البحرين لشتى أنواع التعذيب في المدة من 2011 إلى2021، بحسب بيانات رسمية اعتمدت عليها القناة.
وأكدت تقارير أخرى، وجود أكثر من 150 طفلا في السجون البحرينية، تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً، على خلفية احتجاجات شاركوا فيها في تجمع معارض للسلطة، لا زال حتى الآن مصيرهم مجهول.
وصرحت أُسر الأطفال المعتقلين بتعرضهم أثناء الاحتجاز إلى الإهانة والضرب والتهديد بالصعق بالكهرباء، فيما أفاد والد أحد الأطفال بأن شرطياً ضرب ابنه (13 عاماً)، على رأسه وأعضائه التناسلية، مهددا الطفل بالاغتصاب والصعق بالكهرباء.
ومع انتشار جائحة فيروس كورونا في مارس/آذار 2020، أصدرت الحكومة البحرينية عفوا عن 1,486 سجينا، فيما لم يتضمن قرار العفو الإفراج عن سجناء الرأي البارزين، مُنح قرابة الـ 900 منهم عفوا ملكيا، بينما حُكم على 585 بأحكام غير سجنية بموجب قانون البحرين المتعلق بالأحكام البديلة.
وفي السياق، كشفت جهة رقابية عام 2016، عن تفشي أمراض في مباني سجن جو بسبب قلة النظافة، وانتشار الحشرات والقوارض، وفي يناير/كانون الثاني 2020، تفشى الجرب بين المسجونين في مركز احتجاز الحوض الجاف، حيث أصيب أكثر من نصف نزلاء السجن.
وعلى إثر ذلك، طالبت المنظمات الحقوقية، إدارة السجن بالاهتمام بالنظافة، وإجراء التطهير المستمر لعنابر السجناء، وموظفو السجن والزوار، مشددة على وضع خطط لعزل المعرضين للفيروس أو المصابين به، وضمان الرعاية الصحية المناسبة لهم، للحفاظ على أرواحهم.
وفي فبراير/شباط 2020، أعرب حقوقيون مستقلون عن قلقهم إزاء تنفيذ عقوبات الإعدام بالبحرين، وطالبوا بوقف جميع أحكام الإعدام وإلغائها بشكل كامل، مؤكدين أن الاعترافات تنتزع بالقوة تحت وطأة التعذيب، وأن عقوبة الإعدام بمثابة قتل مُتعمد، وفق ما تؤكده الأمم المتحدة.
ومن جهته، أقر البرلمان الأوروبي بأغلبية ساحقة، مشروع قانون يدين الانتهاكات في السجون وعقوبة الإعدام بالبحرين، حيث صوت عليه 633 نائبا من أصل 689، مطالبا بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان وسجناء الرأي.
كما دعت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، المجتمع الدولي والمفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة السامية ، باتخاذ موقف تجاه انتهاكات الحكومة البحرينية لحقوق الإنسان، وما تُلصقه من تُهم الإرهاب لمعارضيها، لإسكات المدافعين عنهم.