كان في مصاف المهنئين لمملكة البحرين في الذكرى الـ50 لاستقلالها عن بريطانيا، وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي يائير لابيد، الذي غرد باللغة العربية على تويتر، اليوم الخميس 16 ديسمبر/كانون الأول 2021، مرسلا أسمى آيات التهنئة لملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة.
كما نظمت السفارة البحرينية في إسرائيل، أمس، حفلا بمناسبة الاستقلال، وصفه إعلام الاحتلال بالحدث الأول من نوعه، وروج الجانب الإسرائيلي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لعزف النشيد الوطني الإسرائيلي “هاتيكفا” بعد عزف النشيد الوطني البحريني في الاحتفالية.
وأصبح العلم البحريني يترافق ظهوره مع علم الاحتلال الإسرائيلي، وتكتب الصفحات الإسرائيلية الناطقة بالعربية على تويتر، أن ما يحدث هو من الخيال، ويصادق سفير البحرين لدي الاحتلال خالد الجلاهمة، على ذلك بالقول إن قبل عامين لم يكن أحد ليصدق إقامة علاقة.
لكن الحقيقة أن مسيرة تطبيع البحرين مع الاحتلال الإسرائيلي بدأت منذ تسعينات القرن الماضي، عبر تطبيع دبلوماسي خفي، مرورا بالتعاون الأمني والاقتصادي، حتى وصل إلى مرحلة التطبيع الكامل والتبادل الدبلوماسي المعلن أواخر العام الماضي.
وكان الجانب الإسرائيلي يكشف عن العلاقات الخفية بتسريبات للإعلام بين الحين والآخر لتهيئة الرأي العام البحريني، للتطبيع الكامل الذي وصلت إليه الحكومة البحرينية ووثقته باتفاقية رسمية، برعاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في سبتمبر/أيلول 2020.
خروج التطبيع للعلن بعدما ظل سنوات خلف الستار، رافقه تمرير هادئ، بدأه ولي عهد البحرين الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، باتصالات دبلوماسية رسمية مع مسؤولين إسرائيليين خلال قمتي المنتدى الاقتصادي العالمي في عامي 2000 و2003.
والتقى وزير خارجية البحرين ووزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي في الأمم المتحدة في 2007، كما التقى رئيس الاحتلال الإسرائيلي شمعون بيريز، وملك البحرين الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة، في نيويورك على هامش مؤتمر للمنظمة الأممية في 2009.
وسافر وفد بحريني رسمي إلى تل أبيب، في رحلة غير مسبوقة بعام 2009، لاستعادة مجموعة من المواطنين المحتجزين لديه، كانوا ضمن ناشطين مؤيدين للفلسطينيين على متن سفينة احتجزتها بحرية الاحتلال أثناء توجهها إلى قطاع غزة في تحد للحصار الإسرائيلي.
وبنفس العام في أكتوبر/تشرين الأول أقرّ البرلمان البحريني، متجاهلا اعتراضات الحكومة، مشروع قانون لحظر أي اتصال مع إسرائيل، لكنه لم يبصر النور.
وفي 2011 أبطأت ثورات الربيع العربي، جهود التطبيع في وقت كانت المنامة تواجه موجة من الاحتجاجات للمطالبة بالإصلاحات.
وأثنى وزير خارجية البحرين السابق الشيخ خالد آل خليفة، في سبتمبر/أيلول 2016، على رئيس الاحتلال الإسرائيلي شمعون بيريز بعد وفاته، في بيان مفاجئ أثار انتقادات عربية شديدة على وسائل التواصل الاجتماعي.
كما ظهر التقارب علنا، في 2017، وذلك عندما سمحت البحرين، لوفد إسرائيلي بالمشاركة في مؤتمر للاتحاد الدولي لكرة القدم في المنامة، بالإضافة إلى السماح لسائق إسرائيلي بالمشاركة في سباق سيارات.
وفي سبتمبر/أيلول 2017، كشف ميدل إيست أي البريطانية، عن زيارة اثنان من قادة حاخامات مركز سيمون فيزنتال لحقوق اليهود في لوس أنجلوس البحرين مبكرًا هذا العام (2017)، والتقيا الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
ونقلا عن الملك استنكاره المقاطعة العربية المستمرة منذ وقتٍ طويل تجاه إسرائيل، وقالوه إنَّ مواطنيه يمكنهم زيارتها، وهي التصريحات التي وصفتها الصحيفة حينها بأنها انحرافا جذريا عن السياسات المعتادة بالنسبة للدول العربية.
وأعلنا الحاخامان ذلك في احتفالٍ بالتسامح الديني البحريني بمتحف لوس أنجلوس للتسامح، انضم إليه 400 شخص يمثلون العديد من الديانات لولي العهد البحريني؛ للترويج للتنوع الديني في البحرين.
واستنكرت مجموعة مؤلفة من أشخاص يتبعون أديانا مختلفة في البحرين، إرسالها بالـ2017، وفدًا إلى إسرائيل للترويج لـ”التسامح والتعايش”، في وقت كان يتأجج الغضب العربي تجاه مصير القدس المحتلة.
وفي مايو/أيار 2018، رأى وزير الخارجية البحريني، أن من حق الاحتلال الإسرائيلي “الدفاع عن نفسه”، بعدما قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه قصف عشرات الأهداف العسكرية الإيرانية في سوريا، في موقف علني نادر لمسؤول عربي.
وشهدت العلاقات بين الجانبين تقاربا ملحوظا في 2019، وفشلت ورشة عمل اقتصادية نظمتها الولايات المتحدة في البحرين في تحقيق نتائج ملموسة بشأن خطة سلام أميركية في الشرق الأوسط، في يونيو/حزيران 2019.
لكن تلك الورشة فتحت الباب لتوثيق العلاقات الإسرائيلية مع بعض الدول الخليجية، وقال وزير خارجية البحرين على هامش ورشة العمل التي استمرت يومين إن إسرائيل جزء من تاريخ المنطقة، وذلك في مقابلة غير مسبوقة مع مسؤول خليجي كبير أجراها صحفي إسرائيلي.
وفي يوليو/تموز 2019، صرح وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس، بأنه التقى نظيره البحريني خلال زيارة لواشنطن.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019، اجتمع ممثلون من أكثر من 60 دولة بما في ذلك ممثل الاحتلال الإسرائيلي، في البحرين، لمناقشة الأمن البحري في أعقاب هجمات على ناقلات نفط في الخليج ومنشآت نفطية سعودية.
وفي 13 أغسطس/آب 2020، رحبت البحرين باتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي المفاجئ، ووصفته بالخطوة “التاريخية”، وسمحت للرحلات الإماراتية من وإلى الاحتلال الإسرائيلي بالتحليق في أجوائها، بعد يوم من إعلان السعودية عن قرار مماثل.
ولحقت البحرين بالإمارات، وقع البلدان في فعالية رسمية في البيت الأبيض بالعاصمة الأميركية واشنطن، منتصف سبتمبر/أيلول 2020، اتفاقيتان لتطبيع العلاقات بحضور الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، ونتنياهو، ووزيري الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد والبحريني عبد اللطيف الزياني.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2020، وقعت اتفاقا مرحليا لإقامة علاقات دبلوماسية مع الاحتلال الإسرائيلي يتضمن فتح سفارتين.
وفي 6 مايو/أيار2021، توجه رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين، إلى المنامة، والتقى برئيسَ جهاز المخابرات البحريني عادل بن خليفة الفاضل، ورئيسَ جهاز الأمن الإستراتيجي أحمد بن عبد العزيز آل خليفة.
وفي 14 سبتمبر/أيلول 2021، قدم سفير البحرين لدى تل أبيب خالد الجلاهمة، أوراق اعتماده لرئيس الاحتلال الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، ليكون بذلك أول سفير للبحرين في تل أبيب منذ إقامة العلاقات.
وترافق مع ذلك إعلان المنامة عن تسهيلات تمكن الإسرائيليين الراغبين بزيارة البحرين من الحصول على تأشيرات دخول إلى أراضيها، بالإضافة إلى إعلان شركة طيران الخليج عن تدشين خط مباشر بين تل أبيب والمنامة ابتداء من نهاية سبتمبر/أيلول 2021.
وافتتحت السفارة الإسرائيلية بالعاصمة البحرينية، 30 سبتمبر/أيلول 2021، رسميًا بحضور وزير خارجية تل أبيب يائير لابيد، الذي أكد حينها أن افتتاح السفارة يرمز إلى التعاون السياسي بينهما.