كتب: علي الحمادي
من الملاحظ في الفترة الأخيرة، وبالأخص في الذكرى العاشرة للثورة السورية، أن الصحافة الغربية في أوروبا وأمريكا بدأت بالتأكيد على فكرة أن “بشار الأسد” بشخصه وبصفته وليس الحرس القديم أو النظام ككل، هو المشكلة الأساسية بل والسبب الأساسي في المأساة السورية.
وأنه لا يوجد حل ولا يمكن أن يكون أي حل ينهي الحرب ويعيد اللاجئين إلى بلادهم ويخرج المعتقلين إلا بإخراج “بشار الأسد” من السلطة، لا بل إن مجلة فورين بولسي ذهبت أبعد من ذلك حيث أكدت أنه لا بد من محاكمة بشار الأسد عن الجرائم التي ارتكبها والمأساة الإنسانية التي تسبب بها.
وهذا بالضبط هو كلام كل الثوار السوريين السلميين منهم ومن حمل السلاح لاحقا، وكذلك معظم المعارضين السوريين، حيث طالبوا منذ بداية الثورة السورية وبعد أن قتل بشار المتظاهرين.
طالبوا بإقالته ومحاكمته وأكدوا وصرخوا بأعلى أصواتهم بأن بشار هو أسّ المشكلة السورية وهو من يصدر أوامر القتل بدأً من قتل المتظاهرين إلى استخدام الكيماوي، في الوقت الذي كان فيه أوباما يتأنّى ثم يتأنّى ليقول بعدها وكأنه اكتشف قانون ارخميدس :بأن أيام بشار الأسد أصبحت معدودة، ثم وضع خطوطاً حمراً تم اختراقها وقتل الآلاف بالكيماوي في الغوطة الشرقية… إلى آخر القصة التي يعلمها الجميع.
لكن طيلة تلك السنوات التي أعقبت انكفاء أمريكا عن الملف السوري وتركها فريسة لإيران وروسيا مقابل حصول أوباما على الاتفاق النووي مع إيران.
طيلة تلك الفترة أفسح المجال للكثير من الصحفيين والسياسيين الموالين للأسد وللديكتاتوريات بشكل عام ليقوموا بدور محامي الشيطان مثل النائبة في الكونغرس الامريكي لوسي غابارد التي زارت بشار في دمشق وطبلت وزمرت له بأنه يقاتل الإرهاب وإلى آخر الأسطوانة المشروخة في موضوع الإرهاب.
كذلك أصبح بشار وجهة اليمين المتطرف في أوربا وبالأخص فرنسا والمانيا حيث زار نواب اليمين المتطرف الفرنسي بشار في دمشق وأكدوا أنه يحارب الإرهاب وأنه لا يوجد ثورة إنما كلهم إرهابيين مستفيدين من تمدد تنظيم الدولة والجرائم التي ارتكبها.. وبنفس السياق فإن أصوتا كثيرة في الصحافة من اليمين المتطرف وصولا لليسار المتطرف، ومستحاثات اليسار الشيوعي القديم أخذت تخلط الأوراق وتروج أن بشار ليس مجرما إنما يقاتل مجرمين، أو أنه إذا غادر فإن الفوضى ستؤدي إلى تهديد الغرب وإسرائيل أو أنها ستؤدي إلى وصول التنظيمات الإسلامية المتشددة.
مع انحسار سيطرة تنظيم الدولة، وسيطرة النظام على مناطق واسعة على حساب الثوار وتهجير الملايين إلى الحدود، في عامي ٢٠١٩-٢٠٢٠ وانعدام فرص الحل السياسي، و حالة شبه الجمود العسكري والتفات الحاضنة المؤيدة للنظام تطالبه بتحسين الأوضاع المادية، أو الأقل إيقاف الانهيار الاقتصادي وإيقاف تدهور العملة السورية التي جعلت متوسط رواتب موظفي القطاع الحكومي بين ١٠ إلى ١٥ دولارا أمريكيّا في الشهر، كرس الفكرة التي ثار من أجلها السوريين وهي أن بشار لا يصلح إلا للدمار والتخريب وأنه الآن ينكل بمؤيديه الذين يحتجون على الغلاء وقلة الموارد والفرص فقط، من دون أي مطلب سياسي.
كل ذلك أكد للغرب والشرق وبالدليل والبرهان أن بشار هو مشكلة المشاكل وإنه لا إصلاح ولا بناء ولا عدالة ولا حرية للمعتقلين ولا عودة للاجئين ولا تحسين للاقتصاد والوضع المعيشي، إلا برحيل بشار الأسد وزمرته ومحاكمتهم، لأن عدم محاسبتهم سيعطي إشارة لكل المستبدين بأن بإمكانهم ذبح شعوبهم من دون أن يحاسبوا أو يحاكموا.
بقي أن نقول أن التسلط والديكتاتورية شر مطلق ومستطير، وإن الدرج يشطف من الأعلى إلى الأسفل، وكلما توصل العالم إلى هذه القناعة كلما تقدمنا خطوة في اتجاه إنهاء المذبحة السورية.
المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر عن رأي “الرأي الآخر”