كتب: سري القدوة
مدينة القدس تتعرض لعدوان توسعي وممنهج من قبل الاحتلال يهدف إلى تهويد المدينة وتفريغها من سكانها الأصليين، وأن هذه الانتهاكات تشير إلى تطهير عرقي بحقهم، وما يحدث يوميا من اعتداءات بات يشكل تحديا كبيرا أمام المجتمع الدولي، ويضع العالم أمام مسؤولياته في لجم هذا التحرك والعربدة الإسرائيلية التي تمارسها حكومة التطرف العنصري الاستعماري.
القدس بمقدساتها الإسلامية والمسيحية هي قلب القضية الفلسطينية وهي جوهر الصراع العربي الإسرائيلي وهي المدينة التاريخية والحضارية ولها خصوصياتها التي يتطلع إليها مختلف أبناء الديانات السماوية، ولا يحق لأحد التفرد بها؛ لأنها لكل المؤمنين وهي ملك للشعب العربي الفلسطيني وعاصمة دولتهم ولا حل للصراع ولا سلام في المنطقة مع عمليات الضم والتهويد التي ينفذها الاحتلال في القدس، ولأنه لم يكن هناك سلام دون مدينة القدس ودون إحقاق الحقوق الفلسطينية المشروعة وأن الأمة العربية والإسلامية وعلى رأسهم الشعب الفلسطيني سيحمون القدس والمسجد الأقصى ويقفون في وجه الاحتلال الغاصب وما تتعرض له مدينة القدس من مخاطر التهويد والسرقة والضم.
سلطات الاحتلال لم تدخر جهدا للسيطرة على المدينة المقدسة وتهويدها وتغيير معالمها؛ حيث رفعت وتيرة الهدم للبيوت الفلسطينية وأجبرت السكان على هدم منازلهم وشردتهم، كما هدمت العديد من المحال التجارية واستولت على ممتلكات وعقارات وفرضت غرامات مالية في عربدة مفضوحة وتحرك تهويدي جديد اعتاد السكان في مدينة القدس على ممارسة تلك السياسة الهادفة إلى كسر إرادتهم وتركيعهم في ظل صمت مريب على المستوي العربي والدولي.
حكومة الاحتلال رعت الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى ووفرت الحماية للمستوطنين في جولاتهم الاستفزازية داخل باحاته، وقامت بالعديد من الإجراءات العنصرية ضد المقدسات الإسلامية والمسيحية ونفذت عمليات الاعتقال والضرب والتهديد والإبعاد والتهجير القسري، كما استمرت بعمليات الحفر أسفل المسجد وفي أحياء وشوارع المدينة وممارسات الاحتلال طالت أيضاً المراكز الطبية ودور العبادة حيث هدمت آليات بلدية الاحتـلال مؤخرا مركزاً طبياً في جبل المكبر بالقدس وأخطرت بوقف أعمال البناء في مسجد التقوى بالعيسوية.
مدينة القدس المحتلة استقبلت العام الجديد بهجمة غير مسبوقة من الانتهاكات المنظمة التي يمارسها الاحتلال في المدينة وقراها وبلداتها وأحيائها لتتجاوز كل الخطوط الحمراء للقانون الدولي ولتشكل صفعة في وجه المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة الذين باتوا مطالبين بتوفير الحماية لشعبنا الأعزل واتخاذ خطوات عملية لوقف السياسة الإسرائيلية العدوانية بحقه وملاحقة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه ومحاسبته.
الشعب الفلسطيني وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية عملوا كل ما في وسعهم من أجل ضمان حل الدولتين ولكن الاحتلال سعى إلى الدولة الواحدة وكان من المهم التوقيع على اتفاقيات وإعلان المبادئ في اسلو ولم يكن التوقيع عليها في حينه خطأ كما يحاول البعض تسويقه الآن، ولكن سياسات الاحتلال العنصري والتكتل اليميني هو ما أوقف أي تقدم لعملية السلام.
ممارسات الاحتلال والمستوطنات ومصادرة وسرقة الحقوق والأرض الفلسطينية هي من أوقفت أوسلو ومن أعاقت أي حلول ممكنة للتوصل إلى تسوية دائمة فحكومة الاحتلال فرضت حلول القوة وحولت القضية الفلسطينية إلى مجرد قضية مساعدات إنسانية، ولا يعقل أن تستمر دون عقاب أو تترك تضطهد الشعب الفلسطيني وتنكل به وتحرمه من أبسط حقوقه المشروعة وضروريات العيش بحرية وتقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة والقدس عاصمتها.
المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي “الرأي الآخر”