في نفس الوقت التي قررت فيه السلطات الأردنية التعايش مع جائحة فيروس كورونا “كوفيد-19″، أقرت لجنة التخطيط المركزية في وزارة التربية والتعليم الأردنية تأجيل بدء الفصل الدراسي الثاني للعام الدراسي 2021/2022 للطلبة في المدارس ذات البرنامج الوطني للصفوف من رياض الأطفال وحتى الصف الحادي عشر إلى يوم 20 فبراير المقبل.
وأكد سياسيون وناشطون ومنظمات، على تويتر أن تلك القرارات تتناقض مع سياسة الدولة بالتعايش مع وباء كورونا، وسيترتب عليه خسائر فادحة على المستوى التعليمي والاقتصادي، مشيرين إلى أن إغلاق الروضات يحرم الأطفال من الدخول إلى عالمهم الطبيعي الذي يجب أن يعيشوه ويتعلموه.
واستنكروا عبر مشاركتهم على عدة وسوم أبرزها #التعليم_الوجاهي_اولوية_وطنية، و#لا_لتأجيل_دوام_المدارس، استثناء المدارس التي تعتمد البرامج الدولية من تأجيل بدء الدراسة، متسائلين: “لماذا يتم التأجيل الدراسة لطلاب المدارس الحكومية، في حين استمرارها في المدارس الدولية؟”.
وأشار ناشطون، إلى أن هناك دول عديدة يوجد بها أضعاف الإصابات بفيروس كورونا مقارنة بالأردن، ومع ذلك لا تمسّ بمنظومة التعليم المدرسي، قائلين إنه ليس غريبا على دولة عدم إقرار قانون حقوق الطفل خوفا من تبعاته المالية، وأن يتم التضحية بالتعليم مقابل فتح كل القطاعات الاخرى.
وكان ممثلو منظمات الأمم المتحدة والبنك الدولي في الأردن، قد دعوا أمس الأربعاء، إلى أن تكون المدارس آخر القطاعات المُغلقة وأولى القطاعات المفتوحة للحد من وقوع خسائر في التعلم قد تنعكس على الأطفال لسنوات قادمة، بالإضافة إلى تجنب عكس سنوات التقدم في التعليم، من خلال الاستمرار في تطبيق الإطار الآمن لإعادة فتح المدارس والذي يسعى إلى الحفاظ على التعلم الوجاهي في المدارس متاح لغالبية الطلبة.
منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قالت إنه كلما امتدت فترات إغلاق المدارس نتيجة إجراءات كوفيد-19 المُتبعة في الأردن، انعكس ذلك سلبًا على الأطفال والشباب، مؤكدا على ضرورة أن تكون المدارس هي آخر ما يُغلق وأول ما يُعاد فتحه.
كما طالبت المنظمة العالمية انقذ الأطفال Save the Children JO، بالعودة الآمنة للمدارس لضمان حق الأطفال في التعليم، مضيفة أن المدرسة ليست فقط مكان للدراسة والتعلم الأكاديمي.
وأكدت أنه كلما طال بقاء الأطفال خارج المدرسة، زاد خطر عدم عودتهم، مشددة على ضرورة أن تكون أولوية فتح القطاعات للمدارس.
فيما أشارت صفحة الراصد النقابي لعمال الأردن، إلى أن السلطات البريطانية أعلنت التوقف عن الطلب من الطلاب ارتداء الكمامات داخل الغرف الصفية، في نفس الوقت التي تذهب فيه السلطات الأردنية إلى تأجيل الدراسة والتلميح للدراسة عن بعد.
الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة الدكتورة سلمى النمس، لفتت إلى أن إغلاق مدارس وفتح أخرى، والابقاء على الحفلات والمطاعم والمقاهي المكتظة دون الالتزام بإجراءات وقائية، يدل على أن القرار ليس صحيحا.
وأكدت أن استثناء المدارس التي تعتمد البرامج الدولية من التأجيل، يجسد واقع مؤلم من تحكم رأس المال بالقرار.
وتسائلت النمس: “لمصلحة من تتخذ القرارات استمرار المطاعم الحفلات الغنائية المقاهي والمدارس الدولية مستمرة؟، وأين العدالة الاجتماعية في مثل هذه القرارات؟.
ورأت المحللة السياسية ديما طهبوب، أن الاستثمار في العقول كان بمثابة النفط الذي لا ينضب، مضيفة أن: “يبقى كل شيء مفتوحا ونسمع عن أخطاء في التعامل مع كورونا وعندما نفكر بحل نستقوي على القطاع الأهم وهو قطاع التعليم”.
فيما طالب الناشط السياسي عمر عطعوط، بضرورة وجود شرطًا لكل من يتبوأ منصب وزاري أن يكون ابناؤه في المدارس الحكومية ولا يتعالج هو وأسرته إلا في المستشفيات الحكومية، وذلك للتأكد من أن قراراتهم ليست طبقية.
وأشار الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة، إلى أن هناك دول لا تحصى، يوجد بها أضعاف الإصابات بكورونا مقارنة بالأردن، لكنها لا تمسّ بمنظومة التعليم المدرسي.
وتسائلت الفنانة مكادي نحاس: “كيف يستوي الاستمرار بفتح المدارس ذات الأنظمة الدولية فقط، وتأجيل التعليم لباقي المدارس الحكومية والخاصة الوطنية مع مفهوم العدالة الاجتماعية؟”.
وأكدت نسرين قطامش، أن بعد الأطفال عن مدارسهم يسرق منهم تفاصيل مرحلة عمرية، يبني خلالها هويتهم ومهارتهم للتعامل مع ظروف الحياة.