كتب: محمد سلامة
رئيس وزراء إسرائيل نفتالي بيتيت يهدد بإقامة جدار حديدي مع أهالي النقب، وسبقه نتنياهو في إقامة جدار الفصل العنصري مع الضفة الغربية، وبعدها مع غزة، وكل ذلك من أجل السيطرة على الفلسطينين، فاسرائيل باتت في قفص ما بين الجدران الاسمنتية والحديدية ، ،والسؤال..ماذا عن الجدران النفسية وتأثيرها على مستقبل وجود اليهود؟!
فكرة بناء الجدران تعود بالأساس إلى أبرز منظري الحركة الصهيونية زئيف جابوتنسكي، ويقصد بالجدار الحديدي هو التعامل بحزم وقسوة مع الفلسطينين، وايصالهم إلى مرحلة فقدان الأمل(هذا لمن يعيشون بين الاسرائيلين)، فيما جدار الفصل يعني تشييد جدار اسمنتي فاصل بين إسرائيل وجوارها لتفادي الاحتكاك وإبقاء العزل كسياسة عقاب للفلسطينين، وفي هذا وذاك تأكيد على أن القفص (الكيبوتس ) ما زال مسيطرا على العقل الصهيوني الباطني، فلا يمكنه قبول التعايش مع الآخر وقبوله، ولا يمكنه التفاعل مع جواره والعيش معه بسلام، وهذا يقودنا إلى القول أن قادة الصهاينة يعزلون أنفسهم بأنفسهم، وأن محاولات إقامة علاقات تطبيعية مع البعيد قائمة على المنفعة وتشغيله وليس على قبوله في سياق طبيعي، فالجدران قائمة مع الفلسطينين ومع العرب وغيرهما.
الرئيس بنيت يتبجح بطريقته في رفض إقامة دولة فلسطينية، ويتبجح بأنه لن يسمح باستكمال أوسلو، ويرى أن الجدار الحديدي هو الشكل المناسب للتعامل مع أهل النقب، وأن الحكومات السابقة أخطأت في عدم إقامة الجدران الحديدية، ولهذا وضع خطط ومشاريع متعددة منها زراعة الأشجار وتجميع السكان العرب في جغرافيا محددة باعتبارهم مقيمين على الأرض بشكل غير قانوني، وشرع بالمصادرة للأرض والمساومة مع آخرين وتهديد الناس بالتهجير والعقاب،وكل ذلك من أجل وضع اليهود في قفص الجدران للحركة الصهيونية.
إسرائيل لا تحتاج إلى أعداء لكي يشيّدوا الجدران حولها لعزلها ومن ثم تصفيتها، فالتعصب الصهيوني متجليا في نتنياهو وبنيت وغيرهما ممن ينفذون مشروع الحركة الصهيونية سوف يوصلون الشعب اليهودي إلى نهاياته المحتومة، وهذا لن يطول، فالعزل الجغرافي، والعزل النفسي سوف يحولان اليهود إلى دولة وشعب معتل ومختل وغير قابل للعيش في هذه الجغرافيا الرافضة لهم،وبمرور الوقت سنرى مليشيات لبنيت ومستوطنيه ضد ميليشيات الحاخام الأكبر لمجلس النستوطنات، وأخرى تابعة لنتياهو وغيره، ولا نستبعد وقوع حرب أهلية بين اسباط اليهود لأن العزل قائم بين اليهود الشرقين واليهود الاوروبين وممن جاءوا من إثيوبيا.
إسرائيل..في قفص الجدران، وهذه بدايات النهاية للمشروع الصهيوني،فالدولة المعزولة إلا من بعض الدول، لا يمكنها إزالة الجدران مع الدول الأخرى ،والشعب المعزول داخليا ومعزول عن جواره، لا يمكنه إزالة الجدران التي شيّدها،والنهايات للدولة والشعب بانهيار الجدران من داخله ومع جواره، وبالتالي انتصار الجغرافيا العربية على غزاتها الجدد.
المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي “الرأي الآخر”