كتب: عبدالعزيز بن محمد الخاطر
وإنْ أقمتُ صلاتي قلتُ مُفتتحاً
اللهُ أكبرُ باسم المجلـس البلــدي
يا بائع الفجل بالمليم واحدة
كم للعيال وكم للمجلس البلدي
كأن أمي بل الله تربتها
أوصت وقالت أخوك المجلس البلدي
هذه أبيات من قصيدة لبيرم التونسي، يشتكي فيها من سطوة المجلس البلدي في ايامه، وكيف كان يمثل سيفاً مسلطاً عَلى رقبة المواطن الضعيف محدود الدخل،، تستشعرها ذاكرتي أيما استشعار اليوم.
إذا كان بيرم يشتكي من مجلس بلدي في أيامه، فكم مجلس بلدي يشتكي ويئن من سطوته المواطن القطري اليوم. بلغت عدد المخالفات المرورية في شهر واحد ما يزيد عَلى ١٨٩ ألف مخالفة في سبتمبر الماضي لو قلنا إن متوسطها ٢٥٠ ريالا فكم هو المجموع؟، إذا كان هذا هو عدد أو معدل المخالفات شهرياً، فالعلاج ليس هو المخالفة والرادار لانهما وسيلتا جمع أكثر منهما وسيلة ردع، الردع إجراء حاسم وسريع وفي أوانه، ولا يقبل التخفيض إذاً يحتاج الأمر الى علاجات هيكلية اساسية بلاشك، لكنها عقلية المجلس البلدي بلاشك.
إذا كانت تذاكر القطرية تزداد تباعاً وباستمرار داخلياً في حين أن عروضها الخارجية ليست فقط مناسبة وانما مجانية تقريباً فيجب إعادة النظر في مفهوم الناقل الوطني وسياسة الاحتكار وهي ايضاً نفس عقلية المجلس البلدي التي تكلم عنها بيرم.
إذا كانت الشركة الوطنية التي تنتج الألبان كانت هي أحد أذرع مقاومة الحصار الذي استمر ثلاث سنوات عَلى قطر تبدأ حصاراً من نوع آخر ضد المواطن هذه المرة فترفع الاسعار، وتحجب المنافسة وفي أضيق الأحوال وفي حالة التذمر الشعبي تعيد البضاعة المنافسة الى الاسواق بأعلى الاسعار المضاعفة، نفس عقلية المجلس البلدي التي تحدث عنها بيرم كذلك في قصيدته.
إذا كانت الرسوم التي تحصلها الجهات الحكومية بأنواعها المختلفة سواء اوريدو، البريد، الخارجية، البلدية…… والتي تحدث عنها بالأمس في الإذاعة الإعلامي البارز الأخ مبارك جهام الكواري بإسهاب جميل، تزداد بين يوم وليلة دونما مبرر يدركه المواطن، عن أي عقلية نحن نتحدث سوى عن عقلية المجلس البلدي الذي تشير إليه الأبيات السابقة.
المعين الذي ترتوي منه الحكومة وتسقي من تشاء هو راتب الموظف أيعقل هذا؟ هكذا هو الأمر بالنسبة للموظف حينما تقتطع الحكومة ثلاثة أرباع راتبه رسوما ومخالفات، لنا أن نتخيله بعد اسبوعين من تقاضيه هذا المرتب والبعض يشتكي حتى من اسبوع واحد ليجد نفسه في وضع يحسد عليه، أمام أسرته وأولاده، حينما أستمع إلى المذياع واقرأ ما يتناقله الواتس اب ووسائل الإعلام الاجتماعية الاخرى، أشعر بأننا بصدد فجوة واضحة بين الحكومة والمجتمع، لابد من التفكير بملئها، المجتمع فقير بأدواته أو أنه بالأحرى لا يمتلك أدوات، سوى مجلسه المنتخب ولا نسمع عن أصوات ترتفع هناك، ملخص الجلسة الأسبوعية أسلوب عفا عنه الزمن وثلاثة أرباعه مدح في إجراءات الحكومة، كأنك يابو زيد ماغزيت، ليس تحاملاً ولكن أين يذهب المواطن، طالما جميع أبواب الشكوى الحقيقية مقفلة ولم يبق سوى أبواق الظاهرة الصوتية مثل برنامج وطني الحبيب وغيره، لا أعتقد أن مجتمعنا سيقبل أن يعيد التاريخ سياسة المجلس البلدي.
في زمن بيرم التونسي في بلد ينقذ العالم ويعالج أوجاعه بينما مواطنه يتألم ويئن من إجراءات لا تمت الى القانون بصلة، المايكرفونات لم توجد فقط للنقاش داخل المجلس وإنما لمخاطبة المجتمع من قبل ممثليه والطلب من الحكومة سرعة التجاوب مع ما يشتكي ويعاني منه المواطن، لم يعد المواطن الذي عاش تجربة الشورى لمدة تقارب نصف قرن يكتفي ببيان أسبوعي عن عمل المجلس ثلاثة أرباعه مدح في الحكومة وتمجيداً لما تقوم به.
ربي إن المواطن القطري مسه الضُر وأنت أرحم الراحمين.
المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي “الرأي الآخر”