أصدر الرئيس التونسي قيس سعيّد، قرار بتمديد حالة الطوارئ في البلاد حتى نهاية العام الجاري، بحسب ما ورد في الجريدة الرسمية التونسية (الرائد الرسمي)، في عددها الصادر أمس الجمعة.
وكان سعيّد مدد الطوارئ في بلاده لأول مرة، مدة 6 أشهر، بداية من 26 كانون الأول/ ديسمبر 2020 حتى 23 حزيران/ يونيو 2021، كما مدد في24 حزيران/ يونيو الماضي، لشهر واحد حتى 23 تموز/ يوليو من العام نفسه.
فيما مدد حالة الطوارئ في البلاد 6 أشهر حتى 19 يناير/كانون الثاني، قبل أن يقرر تمديدها إلى نهاية 2022، قبل يوم واحد من إعلانه التدابير الاستثنائية في 25 تموز/ يوليو.
وفرضت تونس حالة الطوارئ، أواخر عام 2015 إثر تفجير انتحاري استهدف حافلة للأمن الرئاسي وراح ضحيته 12 عنصرا، ومنذ ذلك الحين يتم تمديدها لعدة مرات بفترات متباينة.
ويجيز القانون التونسي إعلان حالة الطوارئ على كامل تراب الجمهورية أو بعضه، إما في حالة خطر داهم ناتج عن نيل خطير من النظام العام أو في حال حصول أحداث تكتسي بخطورتها صبغة كارثة عامة.
ويعطى الوالي صلاحيات استثنائية واسعة مثل فرض حظر تجوال على الأشخاص والعربات ومنع الإضرابات العمالية.
ويعطي قانون الطوارئ وزير الداخلية، صلاحيات وضع الأشخاص تحت الإقامة الجبرية، وتحجير الاجتماعات، وحظر التجول.
وتفتيش المحلات ليلا ونهارا، ومراقبة الصحافة والمنشورات والبث الإذاعي والعروض السينمائية والمسرحية، دون وجوب الحصول على إذن مسبق من القضاء.
وهذه الصلاحيات تطبق دون وجوب الحصول على إذن مسبق من القضاء، الأمر الذي يواجه بانتقادات دولية ومحلية متزايدة.
وفي سياق آخر، تعتزم الحكومة التونسية رفع أسعار الكهرباء والمحروقات، للمرة الثانية خلال شباط/ فبراير الجاري، وذلك في مسعى لخفض العجز في الميزانية، بحسب وزيرة الصناعة والطاقة نائلة نويرة.
واعتبرت الوزيرة التونسية الزيادات المرتقبة في أسعار الطاقة التي أقرتها الحكومة التونسية “خطوة من بين حزمة إصلاحات اقتصادية غير شعبية يطالب به المُقرضون الدوليون مقابل برنامج إنقاذ مالي”.
وقالت نويرة، في تصريح لصحيفة “الصباح” المحلية، إن الحكومة “أقرت رفع أسعار الكهرباء والمحروقات، لخفض عجز الطاقة في ظل ارتفاع أسعار النفط وبلوغه 96 دولارا للبرميل”.
وأوضحت أن “هذا الترفيع فرضه ارتفاع أسعار المحروقات على المستوى العالمي، بالإضافة إلى اضطراب سعر صرف الدينار، وهو ما يخلق ضغطا على ميزانية الدولة الموجهة للدعم، خاصة أن تونس لا توفر سوى 50 بالمئة من حاجياتها من الطاقة”.
واستدركت الوزيرة التونسية بالقول إن “الترفيع المرتقب (في أسعار الطاقة) لن يشمل المواد المُدعمة بنسبة 70 بالمئة على غرار الغاز المنزلي، مراعاة للفئات المتوسطة والضعيفة”.
وفي 2021، بلغ عجز ميزانية تونس 7.6 بالمئة من النّاتج المحلي الإجمالي، وفق أرقام رسمية.
ومطلع شباط/ فبراير الحالي، أعلنت وزارة الصناعة والطاقة والمناجم التّونسية، عن رفع أسعار المحروقات المباعة في السّوق المحلية بنسبة 3 بالمئة، في إطار برنامج تعديل أسعار المواد البترولية المعتمد ضمن موازنة الدولة لسنة 2022.
ولم تكشف الوزيرة التونسية تفاصيل عن مقدار الزيادة في أسعار الطاقة، أو موعد سريانها
وتأتي هذه الزيادات في وقت تواصل فيه تونس مباحثاتها المتعثرة مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض يمكنها من الخروج من الأزمة الاقتصادية.
والمناقشات جارية مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد -هو الرابع منذ ثورة 2011- بقيمة 4 مليارات دولار.
وكانت الحكومة التونسية تأمل أن تختتم مع البنك الدولي في نهاية الربع الأول من عام 2022، لكن المناقشات ما زالت في المرحلة الأولية فقط وتسير بنسق بطيء بسبب شروط صندوق النقد الدولي.
ووضع صندوق النقد الدولي عديد الشروط لتقديم قرض لتونس من ضمنها خفض نفقات الدولة التونسية، التي تخصص 16 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي، لدفع رواتب الموظفين الحكوميين (650 ألفا)، وهي واحدة من أعلى النسب في العالم. كما أنه يأتي لدعم الضروريات الأساسية ودعم المؤسسات العامة المتعثرة بتكلفة باهظة.
واشترط “النقد الدولي” إصلاحا عميقا للشركات العامة العاملة في مجالات مختلفة من اتصالات وكهرباء ومياه شرب ونقل جوي، والتي تتمتع في غالب الأحيان بالاحتكار وتوظف ما لا يقل عن 150 ألف شخص.
ويطالب المانح الدولي الحكومة بالحصول على موافقة من الاتحاد العام التونسي للشغل، كبرى التجمعات النقابية، على برنامج الإصلاح الذي قدمه لتونس، فيما ربط الاتحاد الأوروبي ودول كبرى أخرى تقديم أي مساعدة بضوء أخضر يصدر عن الصندوق.
ويذكر أن تونس تشهد أزمة سياسية حادة منذ 25 يوليو/تموز2021، حين بدأ الرئيس سعيد فرض إجراءات استثنائية، منها تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.