كتبت: ابتسام آل سعد
لن أقول إنني تفاجأت حينما علمت باجتماع الجامعة العربية للتباحث بشأن الحرب الروسية الأوكرانية، التي تجري رحاها اليوم في قارة بعيدة عن المحيط العربي والإسلامي، فلقد اعتدت على مثل هذه (الشطحات) من الجامعة التي لا أعلم حتى هذه الساعة ما فائدتها لنا كمسمى جامعة وفيها ما يفرقها ويشتتها لألف قطعة وقطعة ويجعل من كل هذه الاجتماعات شكلية فقط للخروج بأي شيء تحت مسمى الجامعة العربية.
ولكن أقول: إن هذه الجامعة الموقرة لم تجتمع يوماً لأجل أزمات كثيرة طرأت في محيطنا الخليجي والعربي، ولم نشهد لها صورة تجمع ممثلي أكثر من 22 دولة عربية على طاولة واحدة، ولم نسمع عن بيان ختامي لاجتماع وزاري طارئ أو على مستوى القيادات، فمثلاً لم تجتمع الجامعة لأجل الأزمة الخليجية التي حُلت بحمد الله واستمرت لما يقارب ثلاث سنوات ولم نرها ترغي وتزبد حينما كانت مقاتلات وطائرات بشار الأسد ترمي بقنابلها وسمومها الكيماوية على أطفال ونساء وشيوخ وشباب مدن سورية لم يكونوا سوى شعبه المهجر و(المعتّر) كما يقال باللهجة السورية الجميلة، ورأت الجامعة الأطفال وهو يناضلون لأجل التقاط أنفاس جديدة تعينهم على البقاء على قيد الحياة، ومع هذا وقفت الجامعة وقفة المتفرج الذي يرى ويندد ويشاهد ويتأسف وينظر ويستنكر ومع هذا سارع أعضاء في الجامعة إلى مد أواصر العلاقة مع نظام بشار وإعادة افتتاح سفاراتهم في دمشق اعترافاً رسمياً منهم بأن نظام بشار هو من يمثل سوريا بشعبها وأرضها وحكومتها ودمها المسفوك بل ومطالبة بعض الأعضاء بعودة كرسي سوريا الذي قُدّم يوماً للائتلاف السوري في قمة الكويت الماضية، ومع هذا ظل شاغراً لا يشغله أي ممثل عن الائتلاف ولا هم يحزنون، فأين قيمة هذه الاجتماعات التي لم تعقد من ألم ودماء سوريا التي باتت ثورتها فوضى ثم حرباً مشتعلة لم تنته حتى هذه الدقيقة؟!.
أين كانت هذه الجامعة منذ عام 2011 حين قوض اليمنيون هدوء بلادهم فأشعلوها ثورة غير مدروسة في بلد لا يمكن أن يستقيم رأي الشعب فيه على رغبة واحدة نظراً لما يتمتع به من شعاب وقبائل وشيوخ تحكم عشائر بحجم دولة، فكيف لثورة تنجح فيها وتقاس بنجاح ما سبقها من ثورات مرت في تاريخ اليمن مثل أشهر ثورة كانت ضد الإمامة الديكتاتورية التي كان يمثلها الإمام أحمد والتي اجتمع على حكمه الشعب بأسره وأسقطوا حكمه الجائر وباتوا يحتفلون بنجاحها كل تاريخ 26 سبتمبر من كل عام؟.
ولذا لم نر الجامعة الحنونة تجتمع لأجل ما يحدث في اليمن من احتلال حوثي وحصار وحرب قائمة فيها وتصدر بياناتها، ومثلها في لبنان الذي يقع اليوم تحت خط الانهيار الاقتصادي والإنساني، ومثله في ليبيا المعرضة اليوم لانفصالات جراء الحرب الدائرة فيها بين انفصاليين متمردين يمثلهم العقيد المتقاعد خليفة حفتر وهو أحد فلول نظام القذافي البائد وبين حكومة شرعية وطنية معترف بها دولياً، ومع هذا لا نلمح من الجامعة سوى بعض التعليقات الباهتة التي لا تساعد الليبيين في شيء.
ورغم أننا نعرف أن الحرب الروسية الأوكرانية تمثل إرهاصات قوية لتغيير خريطة أوروبا ودول لا تتحدث العربية ولا تعرفها، لكني واثقة جداً أن هناك من القضايا العربية ما هو أحق بأن تجتمع لأجله الجامعة العربية وأكثر استحقاقاً من هذه الحرب التي لا يزال ميزان المصالح العربية معطلاً فيها وفق من له الغلبة فيها، وإن كنت أرى موقف روسيا يبدو أضعف من أن يواجه أوروبا والولايات المتحدة مجتمعتين ضدها خصوصا مع إغلاقات المجالات الجوية لدول أوروبية كانت تعد ممرات جوية للطائرات الروسية من استخدامها في ضرباتها لأوكرانيا، ومع هذا فإنني أكرر أن الجامعة لا تضع أولويات لاهتماماتها سوى ما يُطلب منها للأسف، وهو أمر مؤسف لشعوب المنطقة التي تشاركها النظر والاهتمام بأزمة روسيا وأوكرانيا في وقت اعتادت على أزماتها العربية الساقطة من الاهتمام!.
المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي “الرأي الآخر”قضـايـانـا العـربيـة سقطـت سهــواً!