قالت المنظمة “الأوروبية السعودية” لحقوق الإنسان إن ادّعاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن المملكة “تخلّصت” من عقوبة الإعدام ما عدا فئة واحدة مذكورة في القرآن؛ ينفيه استمرار تهديد العشرات بالقتل بينهم قاصرين.
وذكرت المنظمة، وفق بيان وصل موقع “الرأي الآخر”، أن مقابلة بن سلمان مع مجلة “ذا أتلانتيك” الأمريكية انطوت على العديد من التناقضات؛ “إذ اعتبر بن سلمان أن عقوبة الإعدام باتت تقتصر على الحالات التي يقتل فيها أحد شخص آخر، وبالتالي فإن عائلة الضحية لها الحق في الذهاب إلى المحكمة أو العفو عنه، وبأسلوب ملتو استدرك أنه في حال كان هناك شخص يهدد حياة أكثر من شخص فهذا يعني أنه يجب أن يعاقب بالقتل”.
وأكدت أن القوانين في السعودية تتسم بشكل عام بتعريفات ومصطلحات فضفاضة وواسعة، بحيث لا تحدد بشكل دقيق وواضح التهم وتستخدم مصطلحات فضفاضة كالتي استخدمها بن سلمان في المقابلة، ما يسهل على الحكومة استخدامها ضد الأفراد وخاصة المعارضين ومعتقلي الرأي.
وقالت: “ومع إشارته إلى تهمة “تهديد حياة أكثر من شخص”، كتهمة تستحق القتل، يبقي بن سلمان الباب مفتوحا لإصدار وتنفيذ أحكام إعدام بناء على الرؤية السعودية ومفهومها وتعريفها لهذه التهديدات التي قد تكون مجرد آراء أو مواقف”.
وسبق أن رصدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان عشرات القضايا التي تعاملت معها السعودية باعتبارها قضايا إرهابية لنشطاء بسبب تعبيرهم عن آرائهم وممارستهم لحقهم في التعبير وانتقاد السلطة والفساد.
وبالإضافة إلى ذلك، قال ولي العهد إنه في كل المحافظات هناك إدارة تعمل على موضوع عقوبة الإعدام، كما أشار إلى أنه في حال صدور الحكم فإن هناك وقت وفرصة ليتم إلغاء تنفيذ العقوبة بناء على التسويات.
لكن المنظمة أكدت أن بن سلمان تجاهل في إجابته، كون المحاكم تتشدد في إصدار أحكام القتل لتصدرها في كثير من الحالات بصيغة لا يقبل فيها التنازل حتى في بعض القضايا التي لا تكون فيها تهم القتل العمد وتتمثل في إصدار إحكام الحدود كالحرابة والغيلة، وبالتالي لا يترك للأفراد الذين يواجهون عقوبة الإعدام خيار الحصول على عفو.
وذكرت أن “بن سلمان قال إن المشكلة الوحيدة التي تعمل السعودية على حلها، هي التأكد من عدم وجود عقوبة إلا بقانون، وأن هناك عددا من العقوبات التي ترجع للقاضي، ويقصد بذلك الأحكام التعزيرية، وأن هناك سعي لإيقاف هذه الأحكام خلال العامين أو الثلاثة المقبلة”.
وبحسب رصد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان يواجه حاليا 44 معتقلا على الأقل عقوبة القتل التعزيرية، بتهم بينها المشاركة في مظاهرات أو التعبير عن الرأي، ومن بين هؤلاء الشاب عقيل الفرج وأسعد شبر اللذين يواجهان أحكاما نهائية قد تنفذ في أي لحظة بتهم ليست من الأشد خطورة.
إضافة إلى ذلك، تثير المهلة الزمنية التي أعطاها بن سلمان لوقف الأحكام التي ترجع للقاضي مخاوف جدية على حياة هؤلاء وآخرين تطالب النيابة العامة بقتلهم مثل الشيخ حسن المالكي والشيخ سلمان العودة، وفق المنظمة.
وشددت “الأوروبية السعودية” على وجوب إيقاف تنفيذ أحكام القتل التعزيرية هذه بصورة نهائية بدلًا من استغلال هذه المدة لتصفية بعض الشخصيات التي يريد القضاء عليها وهو تناقض صريح وواضح، وخاصة مع ما عبر عنه بن سلمان عن اعتقاده بعدم صحة هذه العقوبات وإرادة إيقافها بعد سنتين أو ثلاث.
وأضافت “بن سلمان قال إن على النظام القضائي أن يضمن للأفراد، حتى الذين يستحقون العقوبة، أن يحصلوا على حقهم في الدفاع عن أنفسهم، لكن يتعرض العديد من المعتقلين، بحسب توثيق المنظمة، إلى التعذيب ويحرمون من حقوقهم في التواصل مع العالم الخارجي أو الحصول على محام، وعلى الرغم من تأكيدهم أمام القضاة هذه الانتهاكات، تصدر بحقهم أحكام بالإعدام، في ظل انعدام أي سبل للعدالة ومحاسبة منتهكي حقوقهم”.
ورأت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن مقابلة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، كرّست المخاوف على حياة الأفراد الذين يواجهون عقوبة الإعدام حاليًا.
وأشارت إلى أن سلسلة الإصلاحات والوعود التي أطلقها بن سلمان، بينت الدور المباشر له بعيدا عن فصل السلطات واستقلاليتها، كما أظهرت المقابلة الشوائب الصارخة للنظام القضائي الذي يستخف بالأرواح، بحيث لا يتم تجميد أحكام الإعدام في ظل مناقشة تغيير القوانين، والذي يسمح بالقتل بناء على تفسير الحكومة للجريمة والذي ما زال قاصرا عن تأمين شروط العدالة في المحاكمات.