قال مسؤول إماراتي كبير إن بلاده ستشجع أعضاء أوبك على زيادة إنتاج النفط، حيث دفع الغزو الروسي لأوكرانيا أسعار الخام إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من عقد.
والإمارات هي أول عضو في أوبك يدعو الحلف إلى زيادة إنتاجه منذ أن أثار فلاديمير بوتين، رئيس روسيا، أزمة عالمية عندما أمر قواته بالدخول إلى أوكرانيا قبل أسبوعين.
وقال يوسف العتيبة، سفير الإمارات في واشنطن، في تصريح لصحيفة فاينانشيال تايمز: “نحن نفضل زيادة الإنتاج وسنشجع أوبك على النظر في مستويات إنتاج أعلى”.
وأضاف “لطالما كانت دولة الإمارات موردًا موثوقًا ومسؤولًا للطاقة إلى أسواق العالمية لأكثر من 50 عامًا، وتؤمن بأن الاستقرار في أسواق الطاقة أمر بالغ الأهمية للاقتصاد العالمي”.
ويتعارض الموقف الإماراتي الجديد مع تأكيد السعودية التزامها باتفاق أوبك + بشأن زيادة إنتاج النفط، وهو ما عبّر عنه ولي العهد محمد بن سلمان خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وجاء تصريح السفير الإماراتي بعد يوم من فرض الرئيس الأمريكي جو بايدن حظرا فوريا على واردات الخام الروسي، مما أثار مخاوف من أن تحذو دول أخرى حذو واشنطن في عرقلة تدفقات الطاقة الروسية.
وتضغط إدارة بايدن منذ أسابيع على منتجي النفط لزيادة إنتاجهم للمساعدة في خفض الأسعار، لكن تحالف أوبك +، الذي يضم روسيا، رفض تجاوز الخطة المتفق عليها العام الماضي لزيادة الإنتاج كل شهر بمقدار 400 ألف برميل يوميًا.
وتم تداول خام برنت، المعيار الدولي، عند ارتفاع 131.64 دولارًا للبرميل يوم الأربعاء، لكنه تراجع بحدة إلى حوالي 111 دولارًا بعد تصريحات الإمارات، كما أشار العراق إلى استعداده لزيادة الإنتاج إذا لزم الأمر.
وفي وقت لاحق، غرد سهيل المزروعي وزير الطاقة الإماراتي، أن البلاد لا تزال “ملتزمة باتفاقية أوبك + وآليتها الحالية لتعديل الإنتاج الشهري”.
والإمارات حليف وثيق للسعودية، الزعيم الفعلي لأوبك، التي قاومت دعوات الولايات المتحدة لزيادة الإنتاج.
ومع ذلك، دخلت أبوظبي العام الماضي في نزاع مع الرياض بشأن حصص الإنتاج.
وسيكون موقف أبو ظبي موضع ترحيب من إدارة بايدن، التي تشعر بالقلق إزاء ارتفاع الأسعار في مضخات البنزين الأمريكية وتأثير ارتفاع تكاليف الطاقة على الاقتصاد العالمي.
ويحذر المحللون من قلة الطاقة الإنتاجية الفائضة على مستوى العالم، حيث إن السعودية وحدها قادرة على زيادة الإنتاج بشكل كبير، والإمارات بدرجة أقل، مشيرين إلى أنه “حتى الحركة المنسقة قد يكون لها تأثير محدود”.
وحذر محمد باركيندو، الأمين العام لمنظمة أوبك، هذا الأسبوع من أنه “لا توجد طاقة في العالم في الوقت الحالي يمكنها أن تحل محل 7 ملايين برميل [يوميًا] من صادرات” روسيا.
وكانت دول الخليج حريصة على اتخاذ موقف محايد بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنها تتعاون في أوبك + على مستويات الإنتاج المتفق عليها في تحالف استمر لأكثر من خمس سنوات كان يهدف إلى إبقاء أسعار النفط عند مستويات مستدامة.
وتعتبر الإمارات من أهم الشركاء العرب للولايات المتحدة، لكن العلاقات بين أبو ظبي وواشنطن شهدت توتراً متزايداً في الأسابيع الأخيرة.
وأثارت الدولة الخليجية، التي شغلت مقعدًا مؤقتًا في مجلس الأمن الدولي هذا العام، غضب صانعي السياسة الأمريكيين بسبب امتناعها عن التصويت على قرار أمريكي يدين الغزو الروسي لأوكرانيا.
وعكس الامتناع عن التصويت إحباط أبوظبي المتزايد من إدارة بايدن، ولا سيما ما يعتبره المسؤولون الإماراتيون رد فعل واشنطن الخجول على الهجمات التي يشنها الحوثيون على الإمارات.
ونشرت الولايات المتحدة أصولاً عسكرية إضافية في الإمارات، وهي جزء من تحالف تقوده السعودية وتدخل في الحرب الأهلية اليمنية في عام 2015 لمحاربة الحوثيين، لكن أبو ظبي تريد من واشنطن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية وفرض عقوبات أكثر صرامة على الجماعة اليمنية.
وكانت إدارة بايدن مترددة في القيام بذلك وسط تحذيرات من أن مثل هذه الخطوة ستؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن.
والإمارات قلقة أيضًا من احتمالات إبرام إدارة بايدن صفقة مع إيران لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، خشية أن يشجع طهران ووكلائها.
وقال العتيبة، وهو أحد أكثر المسؤولين الإماراتيين نفوذاً، الأسبوع الماضي إن الإمارات والولايات المتحدة “تمران باختبار تحمّل لكنني على ثقة من أننا سنخرج منه ونصل إلى مكان أفضل”.
وتوترت العلاقات بين الرياض وواشنطن منذ أن تولى بايدن منصبه.
وانتقد الرئيس المملكة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك اغتيال جمال خاشقجي عام 2018 على يد عملاء سعوديين.
ووعد بايدن بإعادة تقييم العلاقات مع السعودية، وعدم التعامل مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.