كتبت: ابتسام آل سعد
لقد خلصت ورب الكعبة، كنت قد كتبت مقالاً منذ يومين أو ثلاثة أيام لا أذكر حقيقة، وبدأته بسؤال استنكره كثيرون في تويتر حينما طرحته في تغريدة وهو ماذا لو قامت (سوريا غربية) في أوكرانيا، وسردت حينها أوجه التشابه التي يمكن أن تسير عليها الحرب الروسية الأوكرانية لتصبح فعلا سوريا جديدة قائمة في قلب أوروبا باعتبار أن العدو مشترك بين البلدين وهو الدب الروسي، الذي قيل في نشرات إعلامية أوكرانية وإخبارية أنه بدأ يترنح من الحرب التي لم يحسب لها، وفي المقابل تكافح وسائل الإعلام الروسية لإظهار قوة جنودها وعتادها الحربي المتطور في تحقيق النجاح والتقدم داخل الأراضي الأوكرانية.
واليوم يأتي جواب سؤالي سريعا بأن هناك بالفعل ما يؤكد قيام سوريا جديدة في أوكرانيا بعد أن دخلت حكومتا البلدين في دهاليز شائكة وطرق صعبة للغاية لا يمكن التسلل من خيوطها التي سوف تزيد تعقيدا يوما بعد يوم وذلك بفتح باب التطوع للقتال للمتطوعين الأجانب وهذا يبدو عنواناً (نظيفاً بعض الشيء)، لأن الواقع أن ما قرره كل من الأوكراني زيلنسكي والروسي بوتين هو جلب (مرتزقة أجانب) من الخارج للقتال بجانب قواتهما في حرب بدأت تزيد عمقاً وتعقيداً واضمحلالاً بعد أن بات الباب مفتوحاً لمرتزقة المال ومتعطشي الدماء والمجرمين والإرهابيين والشبيحة ومشرعاً لهم للدخول في حرب سوف تصبح شيئاً فشيئاً عشوائية وحرب شوارع أهلية وسوف يفتقر زيلنسكي شرعيته قليلاً فقليلاً وسوف يضطر حينها للجوء الآمن لإحدى الدول الأوروبية أو بريطانيا التي فتحت له باب اللجوء منذ الساعات الأولى لقرع طبول الحرب في بلاده فالرئيس الأوكراني الذي بدأ أولا في إخراج السجناء الخطرين من زنازينهم من السجن المركزي بوسط العاصمة كييف وطلب من الذين يرغبون من المقاتلين الأجانب من كافة العالم الحضور للقتال في صف قواته الوطنية قد أوعز لنظيره الروسي أيضا بنفس الخطوة التي لا يبدو أن أحداً منهما قد حسب لها حساباً لا سيما زيلنسكي الطرف المغزو والمعتدى عليه أولا مقارنة ببوتين المعتاد على حرب المرتزقة وجلبهم لتدمير أي بلد يطأها مثل سوريا، والتي هي خير شاهد على ما أقوله فقد أحضر الروسي مرتزقته من سوريا بما يقارب 16 ألف مقاتل ولا يزال يفتح بابه لبشار صديقه في نفس الخطى وسياسة الهدم لانضمام المزيد من المجرمين والمرتزقة لغزو أوكرانيا ميدانيا.
وبهذا من الطبيعي أن تتحول أوكرانيا التي سوف تحاول صد القوات الروسية إلى مضاعفة خط دفاعها لقتال الآلاف من هؤلاء الذين جلبهم بوتين لدعم صفوف قواته للسيطرة على أوكرانيا بأسرها، ولذا فالأمور تسير فعلا إلى نشوء سوريا جديدة تساهم روسيا كالعادة في إنشائها، ولكن هذه المرة على مقربة من أوروبا العدو القديم للاتحاد السوفييتي الذي يتنبأ المحللون السياسيون بأنه في طريقه للعودة مرة أخرى إذا ما بسطت روسيا يدها تماما على أوكرانيا وباقي الدول الصغيرة المحيطة بها وإعادة الشبكة السوفييتية إلى ما كانت عليه، وهذا أمر تكاد الولايات المتحدة أن تستنزف ما لها وما عليها في سبيل إيقاف هذه الخطة الروسية التي تبدو حتى الآن ورغم صعوبتها ممكنة لا سيما بعد أن وقع زيلنسكي في هذه الهفوة التي سوف تكلفه كثيرا في استقبال آلاف المتطوعين والمقاتلين الأجانب وهذه خطوة لربما أراد الأوكراني اختبار الحكومات الأوروبية التي لم تحرك قوة الناتو للدفاع عن بلاده وترددت في انضمام عضوية أوكرانيا فيه، لكنها فتحت باب التطوع لمن يريد من الشعب لا المنتسبين للجيوش والقوات العسكرية أو الأمنية للتطوع، ومدت أوكرانيا بعتاد عسكري ومساعدات عينية وبشرية.
لكن الروسي بوتين بدا بما خلص إليه في تدمير سوريا وهو قلب البلاد من الداخل بالمجرمين وعصابات الشوارع لتتحول الحرب بين أوكرانيا وروسيا إلى انشغال أوكرانيا بقتال المرتزقة والمجرمين في شوارعها الداخلية، وهذا كاف جدا لينتقل زيلنسكي مجبرا لأحد الملاجئ في أي دولة أوروبية وترك بلاده لمخالب الدب الروسي ينتزع منها ما يشاء ويبقي الفتات لهذه العصابات لتنهي ما بقي من أوكرانيا وشكرا.. عفوا.
المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي “الرأي الآخر”