بعد زعم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بأن السلطات السعودية قد تخلصت من استخدام عقوبة الإعدام بشكل متكرر، وذلك خلال حواره مع مجلة “ذا أتلانتك الأمريكية”، أعلنت وزارة الداخلية السعودية، أمس السبت تنفيذ حكم الإعدام بحق 81 معتقلاً، في أكبر عملية إعدام جماعي نفذتها المملكة في الذاكرة الحديثة.
ويبدو أن بن سلمان، استغل انشغال الرأي العام بالحرب على أوكرانيا، لتنفيذ المجزرة الدموية الثالثة في عهده، كما يستغل معرفته الجيدة بالقوة التي تمنحها أبار النفط لبلاده، وخضوع العالم لهم بسبب أزمة الطاقة.
وزارة الداخلية السعودية، أدعت في بيانها الصادر أن المعتقلين تبنوا الفكر الضال والمعتقدات المنحرفة ذات والأطراف المعادية، واتهمتهم بالترصد لعدد من المسؤولين ورجال الأمن والوافدين واستهدافهم، وزرع الألغام، وارتكاب جرائم الخطف والتعذيب والاغتصاب والسطو بالسلاح والقنابل اليدوية، وتهريب الأسلحة والذخائر والقنابل للسعودية.
وقالت إنهم ينتمون لتنظيمات إرهابية مثل القاعدة والدولة الإسلامية “داعش” وجماعة الحوثي في اليمن، مشيرة إلى أن غالبية من جرى إعدامهم من الجنسية السعودية، وبعضهم من الطائفة الشيعية، ومن بينهم سبعة من اليمن وسوري واحد.
واستنكر سياسيون وناشطون ومنظمات، استخدام السلطات السعودية لأنظمتها القانونية لتلاحق المعارضين والنشطاء، وعدم استقلال القضاء السعودي، مؤكدين أن إرهاب وقمع بن سلمان بلغ منسوباً قياسياً عبر ارتكابه أكبر مجزرة إعدامات في تاريخ مملكة الإرهاب.
وأشاروا عبر مشاركتهم على عدة وسوم أبرزها #إعدامات_السعودية، و#إعدام 81، و#المجزرةالثالثة، إلى أن القضاء في كل العالم مهمته إنصاف المظلوم، والاقتصاص من الظالم، إلا قضاء بن سلمان، وجد ليُعين الظالم، ويقهر المظلوم.
وأكد ناشطون، أن عمليات الإعدام أكثر أوجه السلطة السعودية توحّشاً، وأن كثير من القتلى هذه المرة وسابقاتها لم يسفكوا دم حرام، بالإضافة إلى أن أغلب من أعدموا أمس كانت أحكامهم تعزيرية.
الأمين العام لحزب التجمع الوطني دكتور عبدالله العودة، كتب أنه في نفس الوقت الذي صرحت فيه حكومة بن سلمان بأنها قضت على الإرهاب تماما، تعدم 81 شخص بتهمة بالإرهاب في رقم غير مسبوق في تاريخ المملكة في يوم واحد.
كما أعاد العودة، نشر بيان حزب التجمع الوطني، الذي استنكر فيه قيام السلطات السعودية باستخدام عقوبة الإعدام كوسيلة للتصفيات السياسية وللحد من إقبال الناس على حقوقهم السياسية والمدنية المشروعة مثل التظاهر السلمي أو التعبير عن الرأي.
فيما أكد الأمين العام السابق لحزب التجمع الوطني يحيى عسيري، وحشية السلطات السعودية، قائلا إنها رجعية وقمعية تعيش في قعر سحيق من التخلف والإرهاب.
وأضاف أنه لا بد من استنكار قتلها بـ81 شخص دون أن يكون لها قضاء مستقل ونزيه، متسائلا: “كيف نعرف أن هذا النظام المتعطش للدماء لا يُلفق التهم؟، وكيف يمكن الصمت له على هذه المجازر وسلوكه إرهابي ومنظومته كلها فاسدة؟”.
فيما أشار نائب رئيس المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان عادل السعيد، إلى أن أغلب ضحايا هذه المجزرة غير معروفين لدى المتهمين بعقوبة الإعدام، مؤكدا أن هذا دليل على أن أعداد المهددين بالإعدام في السعودية أقل بكثير من الواقع.
ولفت إلى أن هذه المجزرة توضح عزم سلمان وابنه الاستمرار باستخدام عقوبة الإعدام كأداة ترهيب استراتيجية للشعب، وعدم تصديق تصريحات بن سلمان، وأن انخفاض أعداد الأحكام المنفذة في العامين الأخيرين مقارنة بالسنوات الأخرى مجرد تكتيك.
وأفاد السعيد، بأن السعودية عادت لاستخدام الإعدامات الجماعية بعد إيقافها لعامين، بسبب انشغال العالم في الحرب الروسية الأوكرانية، متوقعا أن تشهد البلاد موجة إعدامات كبيرة في هذا العام.
وتسائل الناشط السياسي تركي الشلهوب: “من هم؟ وما هي التهم التي كانت موجهة إليهم؟، ومتى وكيف اعتقلوا؟، ومن هم القضاة الذين حكموا عليهم؟”.
بينما فندت المنظمة الأوروبية السعودية، المجازر الواقعة في عهد الملك سلمان وولي عهده.
وأشارت إلى أن الـ 81 الذين قتلوا كان من بينهم 69 قضاياهم غير متداولة، وكانت قائمة المنظمة للمهددين بالقتل، تضم 43 شخصاً فقط، قتلت السعودية منهم 12، ويتبقى منهم الآن 31، لافتة إلى أن ما حدث يؤكد أن المهددين بالقتل حالياً، أضعافاً مضاعفة.
بينما أدانت منظمة القسط لحقوق الإنسان، أحكام الإعدام التي نفذتها السلطات السعودية، حيث رأت أن الأحكام خطوة للوراء فيما يتعلق بوعودها حول الإصلاح المعني بعقوبة الإعدام.
وذكّرت بأن القضاء في السعودية قضاء غير مستقل وبسجل السلطات الطويل في المحاكمات الجائرة، حيث تعتمد على اعترافات منتزعة بالتعذيب من المتهمين.
وقال الصحفي عبدالرحمن عز، إنه بعدما أعدم رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي 7 معارضين مصريين، قام بن سلمان بإعدام 81 معتقل بسجونه، مضيفا أن هؤلاء الحكام عبارة عن طغاة لا يعرفون سوى لغة القتل والتعذيب للمعارضين والاعتقال والإرهاب للشعوب.
وأفاد رئيس منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الانسان جواد فيروز، أنه بعد تصريحات بن سلمان بأنه تم التخلص من عقوبة الإعدام ماعدا الفئة المذكورة في القرآن اليوم يتم إعدام 81 مواطنا لأسباب مخالفة لإدعاءاته، متسائلا: “هل من رادع لهذه الجرائم المستمرة في السعودية؟”.
وناشدت الناشطة الحقوقية الدكتورة حصة الماضي، الشعب السعودي، متسائلة: “إلى متى سيظل الصمت على هذه السلطة المستبدة الدموية؟”.