تستسلم السعودية والإمارات لإحياء الاتفاق النووي مع إيران الذي لطالما عارضتاه، وتتحاوران مع طهران لاحتواء التوترات مع الضغط من أجل إجراء محادثات مستقبلية لأخذ مخاوفهما الأمنية في الاعتبار.
وتجري القوى العالمية مفاوضات في فيينا مع إيران والولايات المتحدة لإحياء اتفاق 2015 الذي وافقت طهران بموجبه على كبح برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الدولية.
وتريد الإدارة الأمريكية الجديدة للرئيس جو بايدن استعادة الصفقة التي تخلت عنها واشنطن في عهد سلفه دونالد ترامب.
لكن حلفاء واشنطن الخليجيين قالوا دائمًا إن الصفقة غير كافية لأنها تجاهلت قضايا أخرى، مثل صادرات إيران من الصواريخ ودعم المقاتلين الإقليميين بالوكالة.
وأوضح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين يوم الاثنين أن أولوية واشنطن هي إعادة الصفقة “في المربع” ثم استخدامها كمنصة لمعالجة أسئلة أخرى.
لكن مع تورط السعودية في حرب مكلفة في اليمن ومواجهة هجمات متكررة بالصواريخ والطائرات المسيرة على بنيتها التحتية النفطية التي تحمل إيران وحلفائها باللوم فيها، تقول دول الخليج إنه يجب عدم تنحية القضايا الأوسع جانبًا.
وقال عبد العزيز صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث: “قالت دول الخليج إنه بإمكان الولايات المتحدة العودة إلى (الاتفاق النووي)، هذا قرارهم لا يمكننا تغييره، لكن نحن بحاجة إلى أن يأخذ الجميع في الاعتبار المخاوف الأمنية الإقليمية”.
ويشعر المسؤولون الخليجيون بالقلق من أنهم يفتقرون إلى نفس النفوذ مع إدارة بايدن الذي كان لديهم في عهد ترامب، وضغطوا للانضمام إلى محادثات فيينا، لكن تم رفضهم.
وقال مصدران مطلعان إنه بدلا من انتظار النتيجة في فيينا، قبلت الرياض مبادرات عراقية في أبريل/ نيسان لاستضافة محادثات بين مسؤولين سعوديين وإيرانيين.
وبينما يداعب الخصوم بعضهم البعض، قالت الرياض إنها تريد رؤية “أفعال يمكن التحقق منها”.
وتمتلك إيران عددًا من الأوراق، ليس أقلها دعمها لحركة الحوثي في اليمن، التي فشل السعوديون في هزيمتها بعد ست سنوات من الحرب التي أنهكت صبر واشنطن.
وقال صقر “اليمن مسار رخيص بالنسبة لإيران ومكلف للغاية بالنسبة للسعودية. وهذا يعطي إيران موقفا تفاوضيا قويًا”.
وقال مصدر إقليمي ثالث إن الإمارات من جانبها على اتصال منتظم بالفعل مع إيران في محاولة لتهدئة التصعيد، ولا سيما منذ تعرض ناقلات النفط للهجوم قبالة سواحلها في عام 2019.
الأولوية الآن لدول الخليج هي التركيز على اقتصاداتها بعد كوفيد19، لكن الضمانات الأمنية جزء مهم من هذا التعافي.
وقال مصدر ثالث “صفقة (نووية) أفضل من عدم وجود صفقة، ولكن كيف يمكنك إقناع العالم والمستثمرين أن هذه صفقة حقيقية يمكن أن تصمد أمام اختبار الزمن؟”.
وتأمل دول الخليج أن تحافظ واشنطن على نفوذها على طهران من خلال الإبقاء على بعض العقوبات، بما في ذلك تلك التي تهدف إلى معاقبة الجهات الأجنبية لدعم الإرهاب أو انتشار الأسلحة.
وأبلغ بلينكين جلسة استماع للجنة الكونغرس أنه يمكن استخدام الصفقة “كمنصة للنظر في إمكانية تمديد الاتفاقية نفسها، وإذا لزم الأمر تعزيزها، وكذلك لكبح المخاوف الإقليمية.
ولا تزال دول الخليج متشككة، إذ قال مبعوث الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة في أبريل/ نيسان إنه لا يرى أي دليل على أن الاتفاق النووي سيصبح “أداة يتم فيها تمكين المعتدلين” في إيران التي تجري انتخابات رئاسية هذا الشهر يهيمن عليها المتشددون.
وقال عتيبة: “لكننا نحتاج أن نعيش معهم بسلام. نريد عدم تدخل ولا صواريخ ولا وكلاء”.