- الملك سلمان في غاية الوقاحة في قمعه للشعب وتحديه له
- مارس الملك عبدالله قمع رهيب وقاد انقلابات الربيع العربي
- الملك عبدالله مسؤول مجازر رابعة والنهضة
- الملك عبد والملك سلمان مجرمين
- النظام يغطي على الأزمات الداخلية ويلهي الشعب بالترفيه
- موسم الرياض وفعاليات الفورمولا انفصال عن الواقع
- قضية خاشقجي ستظل مفتوحة تحرق بن سلمان وتطارده أينما ذهب
- السلطة السعودية تزيد من دائرة خصومها وأعداءها داخل المجتمع
- التعذيب الوحشي الذي حصل في السجون مؤخرا ليس له تفسير
- “بن نايف” مؤسس آليات الاستبداد أصبح ضحية نظام بن سلمان
- بن نايف كان يأمل ويخطط للانقلاب داخل القصر لإزاحة الملك سلمان
شدوى الصلاح
في الجزء الأول من حوارنا مع الأمين العام السابق لحزب التجمع الوطني السعودي المعارض يحيى عسيري، تحدثنا عن أسباب تركه لمنظمة القسط الحقوقية التي كان يرأسها، وتنازله عن أمانة الحزب وعرض منصبه للانتخاب وتقييمه للحزب وفعالياته وتطلعاته للقادم، وتقديره لمشاركة الحزب في المؤتمر الديمقراطي، وغيرها من التفاصيل التي يمكنكم الاطلاع عليها بالضغط هنا.
لننتقل في الجزء الثاني من الحوار الذي ينشر اليوم بالتزامن مع ذكرى ميلاد الملك سلمان بن عبدالعزيز، الموافق 31 ديسمبر/ كانون الأول 1935، إلى السياسة الداخلية في المملكة وتقييمه لفترة حكم الملك وكيف مكن نجله من ولاية العهد، ونحى الأمير محمد بن نايف، ومقارنته بين فترتي حكم الملكين عبدالله وسلمان، ومصير المعتقلين في كلا الفترتين، ومصير قضية خاشقجي.
إليكم نص الحوار
** ما تقييمك لفترة حكم الملك سلمان؟
_ عهد الملك سلمان من أسوأ العهود على الإطلاق خاصة أنه كان يعرف في العرف السعودي أنه كلما جاء حاكم إلى سدة الحكم يحاول استرضاء الشعب ببعض الإجراءات التجميلية منها الإفراج عن معتقلي الرأي، وكنا دائما نردد أن مع بداية العهد الجديد سيتم الإفراج عن معتقلي الرأي إلا أن بن سلمان خرق هذا العرف حين تولى الحكم ولم يفرج عن أحد من معتقلي الرأي، ولن يفعل هذا ولا يوجد أي خطوة من قبله لاسترضاء الشعب أو حتى خداعه كما كانت تفعل أسرة آل سعود.
– افتتح سلمان حقبته بسلسلة إعدامات كبيرة جداً وقتل في يوم واحد العشرات، ولم يقم بما اعتاد عليه أسلافه في بداية الحكم، بل قام بمزيد من القمع والتقشف ثم استمرت حقبته بتصاعد رهيب في الإعدامات والتعذيب والقمع والضرائب وغيرها، وتمكين أكبر له ولنفسه ولابنه بالإضافة إلى زيادة الفساد.
** هل تقصد أن عهد الملك عبدالله كان أفضل من عهد بن سلمان؟
– كان عبدالله يحرم أبناء الشعب من كثير من حقوقهم ويمارس قمع رهيب ويقود انقلابات الربيع العربي، وكان مسؤول عن مجازر رابعة العدوية والنهضة في مصر، ومع هذا كان يزور الأحياء الفقيرة ثم يسكب دموع التماسيح عليها ويخرج للإعلام ويدعي محبة الشعب ويعد براتب أو راتبين ثم يفرج عن بعض المعتقلين لكي يعطي انطباع مخادع بأن لديه حس إنساني، وهذا غير موجود، لكن كانت هذه بعض الممارسات السياسية التي يقوم بها.
– لذلك البعض عندما يقارن سلمان بعبدالله يزكي عبدالله أو يشعر بأنه كان جيد ولكن الحقيقة أن كلهم مجرمين حاول بعضهم خداع الشعب، أما سلمان لا يملك هذا الأمر ولم يقدم أي شئ، بل كان في غاية الوقاحة في قمعه للشعب وتحديه له، وكسر كل الحواجز لتحقيق ذلك، وابنه مثله، فلذلك لا نعول عليه، ولا نستطيع التكهن بالحماقات الممكن أن يقومون بها، سلمان بدأ حكمه بحرب اليمن، وفي الأشهر الأولى أعدم أكثر من 50 شخص في يوم واحد، فهذه الوحشية الموجودة عند سلمان ورثها ابنه بطبيعة الحال.
** هل تتوقع أن يصل بن سلمان للحكم؟
– نعم إمكانية تحقيق ذلك واردة وهذا ما يسعى إليه، وممكن أيضا أن تطول فترة حكمه، لكن دورنا أن نقاوم هذا وإن أصبح ملكا فسيصبح ضعيفا ووجوده كحاكم ضعيف، يعني أنه لن يتمكن من الاستمرار في نفس استبداد الأسرة الحاكمة، لأن الذي أبقى هذه الأسرة الحاكمة هي مجموعة من العوامل غير متوفرة حالياً لديه، منها الدعم الخارجي، وإن كان لا زال إلا أنه مختلف تماماً عن الدعم الخارجي سابقاً الذي كان تاماً ولا مواربة فيه ولم تكن هناك أي انتقادات له في الإعلام العالمي.
– كما أن التحالف مع المدرسة الوهابية تغير، وتماسك الأسرة الحاكمة تغير وقامت بينهم صراعات وكل هذا يضعف بن سلمان، كما أنه لا يملك الذكاء الكافي أو الدراية لكي يتصالح مع الشعب بالإفراج عن معتقلي الرأي والسماح بحرية التعبير عن الرأي وإتاحة العمل السياسي والحقوقي وإعطاء إصلاحات اقتصادية وإصلاح الفساد وتعزيز مكانته بين الشعب فيحترموه كمنقذ وإصلاحي.
– لذلك كل الاحتمالات ممكنة وانهياره واختفاءه عن المشهد ومحاسبته وتوليه الملك كلها خيارات مفتوحة، نحن الآن في عنق الزجاجة.
** لماذا يصبر بن نايف على بن سلمان رغم قوة جناحه داخل العائلة المالكة؟
– بن نايف كان يأمل ويخطط للانقلاب داخل القصر لإزاحة الملك سلمان بحجة أنه مريض، ويتولى الحكم بعده عندما كان وليا للعهد، وكان صاحب العلاقات القوية لدي الإدارة الأميركية والأوروبيين، وكذلك داخل الأسرة الحاكمة، ومع المؤسسات القديمة في السعودية كالمباحث والداخلية وهيئة كبار العلماء، وغيرها من الهيئات.
– هذه القوة التي كان يملكها بن نايف في هذه الدوائر سواء الداخلية أو الخارجية لم تكن موجودة لدي سلمان وابنه، ولذلك كان مشروعه الانقلابي أقوى من مشروعهم، ولكن بسبب خيانات من عدد من القيادات الموجودة بالقرب من بن نايف وربما أحدهم عبدالعزيز الهويريني، وبسبب الدعم الذي حصل عليه بن سلمان من جاريد كوشنر، استطاع اكتشاف المخطط الذي يقوم به بن نايف، واستطاعوا المبادرة بالانقلاب عليه قبل أن ينقلب عليهم، وحاصروه بالقصر وتم إجباره على التنازل بالقوة وبتخطيط مدبر وتحت تهديد الأسلحة واعتقال عدد من رجاله واعتقاله هو أيضا، ولا يزال قيد الاعتقال إلى الآن.
– وبعكس ما يظهر للإعلام بأن هناك تنازل وتفاهم إلا أن هذا غير حقيقي على الإطلاق، وتبعه تشويه لسمعة بن نايف ونشر معلومات بأنه مدمن مخدرات، وكأنه أمر غريب داخل الأسرة الحاكمة، بينما الوارد أن بن سلمان أيضا مدمن مخدرات، وأن أغلب القيادات الفاسدة المستبدة تتعاطى المخدرات، وتمارس كثير من الإجرام، بحق الشعوب.
– ما يعني أن الحديث عن إدمان بن نايف للمخدرات الآن ضمن سلسلة الإقصاء التي مارسها بن سلمان.
** بما أنك تحدثت عن اعتقال بن نايف، حدثنا عن أوضاع المعتقلين الآن في المملكة؟
– سياسية السلطة السعودية هي إخراس المجتمع وأن يكون إما مؤيد لها أو أن يذهب إلى السجون، فمن يصمت عن الاعتقالات ويهادن يكون مصيره إما غض الطرف عنه أو تقريبه.
– ما حدث مؤخراً أن الاستهداف والقمع أصبح يطال أشخاص محسوبين على النظام ومدافعين عنه، حتى أصبح مؤسس آليات الاستبداد “بن نايف” ضحيتهم ورجاله وقيادات في المباحث والشرطة، كانوا يعذبون الناس أصبحوا الآن ضحايا تعذيب.
– الوضع يتجه لمزيد من الفوضوية والعبثية بعد أن كان ممنهجا، كان لدي السلطة مشروع إخراس المجتمع الآن كأن المشروع ليس إصمات المجتمع وقمعه فحسب بل انتقام منه، فالتعذيب الوحشي الذي حصل في السجون مؤخرا، ليس له تفسير.
– كانت السلطات تمارس التعذيب من قبل لانتزاع اعترافات أو الانتقام من أحد، حاليا تمارسه من أجل التعذيب حتى أنه مورس في فندق الريتز كارلتون على الشخصيات التي هي جزء من النظام أساسا، بالإضافة إلى أن المجال فتح لحراس السجون ليمارسوا التعذيب دون حسيب ولا رقيب، في حين كان سابقا يحصل ضمن سياسات الدولة لفئات تستهدفهم السلطة.
– حاليا أي عسكري موجود في السجن يحق له أن يضرب أي سجين ويهدد حياته ويجعلها تحت الخطر، وفقدنا عدد من سجناء الرأي داخل السجون، والوضع بات مرعبا، لا يوجد أي حس بالمسؤولية، ومسمى الدولة المستبدة لم يعد موجود، الموجود عبث رهيب للغاية.
** هل توجد أي آلية للمحاسبة؟
– في هذا الوقت لا يوجد أي آلية وكل ما نحاول فعله هو تسليط الضوء على هذه الانتهاكات حتى نستطيع تشكيل ضغط دولي عليها، ولكن عندما تقوم السلطة بوضع أشخاص داخل السجون لفترات طويلة ويتحدث العالم عندما تصدر الأحكام ابتداء، وبعد صدور الأحكام ويقضوا فترة في السجن يصبحوا في طي النسيان، ويصبح قليل من يتحدث عنهم، تظهر وكأن القصة قديمة وكأنها سبق وقيلت وبهذا تتخلص السلطة من تبعات الجريمة التي تفعلها مع أن هذه الشخصيات لاتزال داخل السجون.
– نحن نفقد شخصيات وازنة داخل السجون، أمثال عبدالله الحامد وموسى القرني الذي قتل مؤخرا بشكل بشع للغاية لكن ما الذي فعله العالم؟ التحرك كان غير لائق أبدا من العالم والمجتمع السعودي والمنظمات، ولم يكن هناك تحرك مناسب للجريمة ولبشاعة الحدث الذي وقع.
** وما السبب في ذلك؟
– السبب أن الشخصيات التي تقف في هذا الجانب، تستطبع مثل هذه الأمور، أصبحنا نحن كناشطين عندما تحكم السلطة على أحد بسنتين أو بالسجن نشعر بالفرح، بدلا أن نغضب على أنه سجن ظلما ودون وجه حق أصبحنا فقط نريدهم يخرجوا المعتقلين بأي شكل من الأشكال، هذا السوء الذي وصل له الحال.
– هذا التماهي والتواطؤ من العالم مع إجرام السلطات في حين ادعاءها الإصلاح وتمارس أبشع ما يمكن ممارسته ضد معتقلي الرأي، حتى أصبح كل نخب المجتمع داخل السجون حاليا.
– المجتمع السعودي بين مهاجر أو داخل السجون، أو مقموع لا يستطع يقول إلا ما تريده السلطات، كثير من الشخصيات التي كانت وازنة ولها حضور ومثقفة تم تغيبها عن المشهد، البلد على شفا هاوية إما أن يثور أو يكون تحرك مدني، وإما يحصل ما لا يحمد عقباه.
– استمرار الوضع بهذا الحال هو أمر غير ممكن الوضع في غاية الخطورة والناس في غاية البؤس حتى أولئك الذي لا تعنيهم الحقوق والحريات والسجون وحرية التعبير عن الرأي والإصلاح السياسي أصبحوا يدركون حجم الخطر الذي يطالهم بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تزيد من معاناة الناس.
– السلطة بقمعها وحماقتها وظلمها تزيد من دائرة خصومها وأعداءها داخل المجتمع.
** لكن الوقائع تثبت غير ذلك، فالنظام يقيم الفعاليات الرياضية والترفيهية ولا يلتفت لما تقوله؟
– فعاليات الفورمولا وموسم الرياض والحشد لها انفصال عن الواقع وهذا الانفصال كان أحد أسباب الثورة الفرنسية وخروج الناس للشوارع وكذلك الثورات الأوروبية.
– عندما يكون الطغمة الحاكمة والمسؤولين عن البلاد لا يعرفون طريقة تفكير المجتمع وآلية تفكيره ويكونوا منفصلين عن الواقع تكون مثل هذه الأخطاء.
– وعندما يعاني الشخص من وجود معتقل له، ويعاني من الخوف من التعذيب حين يسمع بأن فلان قتل أو عذب دون أي أسباب ويخاف على مستقبل أولاده ويرى الأسعار تزداد والضرائب تزداد والسلطات لا تعتني إطلاقا بالصحة والتعليم والبناء.
– لدينا قرى في السعودية لا تنتمي أبدا لهذا العمران والصور التي تعرض على الشاشات وتعيش في مدن صفيح وفقر مدقع وتحت خط الفقر وعدد كبير من السعوديين لا يستطيع أن يتملك منزل.
– الوضع صعب جدا في ظل هذه الظروف يخرجون يقولون السعودية العظمي والسعودي فوق فوق ويخرجون بسباقات الفورمولا ومنافسات ترفيه تهتم بشريحة بسيطة جدا من المجتمع منفصلة تماما عن بقية المجتمع.
وهذا الانفصال يسرع بكراهية هذا النظام وكشفه من ناحية ويثبت جهل هذا النظام وإلى أين يسير
النظام يستخدم مثل هذه الأمور لتحسين سمعته حتى لا يتحدث أحد عن الفقر والبطالة ويتحدث فقط عن الفورمولا وشراء نادي وكأس ومهرجانات تستضيف فلان وفلان وبهذا يشغلون الرأي العام، لكن الحقيقة أنهم يشغلون شريحة بسيطة جدا ليست هي الشعب محاولة للتغطية بالغسيل الترفيهي ومن يساهم في هذه الأمور هو يساهم بشكل مباشر في دعم الاستبداد وقمع أبناء الشعب وهذا ما يجب أن يكون واضحا لكل المشاركين في مثل هذه الفعاليات التي يقيمها النظام.
** ننتقل إلى قضية اغتيال الصحفي جمال خاشجقي، ما توقعاتك لمسارها وهل ستنتهي بالفعل أم ستظل مفتوحة؟
– سياسيا هناك رغبة عالمية لطي صفحة القضية لكنهم لن يستطيعوا فعل ذلك حتى وإن سعوا وتقاربوا وحاولوا إخفاء القضية على المدى البعيد.
– السلطات تحاول أن تخفي الجريمة، لكن محاولات إخفاء الجريمة بالضبط كمثل شخص كسول يحاول تنظيف منزله فيقوم بوضع الوساخات في زاوية المنزل ويضع عليها شرشف، لتغطية الجريمة، فهذا أقصى ما تستطيع أن تفعله السلطة السعودية، وهو تغطية قضية خاشقجي بغطاء، لكن العالم يستطيع أن يتظاهر بأنه لا يعلم ماذا تحت هذا الغطاء، أما أن يزيل الجريمة حقيقة فهذا أمر غير ممكن.
– لا يمكن أن تحدث جريمة في قنصلية في بلاد أخرى يتحدث عنها العالم والإعلام كله ويعرف من القاتل ثم يريد القاتل أن يصبح ملكا وكأن شيئا لم يكن وأن العالم سينسى ثم يقولون أغلقنا الملف.
** لكنهم يستخدمون تنازل أهل الدم كذريعة لتخطي القضية؟
– هذا لن يحصل، منطقيا لا يمكن أن يحصل، حتى لو رددوا هم أغلقنا القضية، أغلقنا الملف هم يحاولون تغطية القضية بأن يأتوا بأسرة خاشقجي ويجعلوهم بطريقة أو أخرى أن يقولوا نحن تنازلنا عن الحق، ويستطيعون أن يلزموا القضاء السعودي بالقول إن القضية أغلقت، لكن حقيقة كيف تغلق قضية بكل هذا الحجم ونحن نعرف من القاتل وكل العالم يعرف أن كل ما يقال بأن فرقة مارقة هي المتورطة غير صحيح، ويعرف أنهم منفذين لأوامر، ولم تطبق فيهم عقوبات.
– هذا الكلام لا يمكن تغطيته، سوف تبقى هذه القضية مفتوحة تحرق بن سلمان وتطارده أينما ذهب، حتى لو أصبح ملكا أو ظن الناس أن القضية ستنسى بالتقادم، ولا يمكن لابن سلمان أن يتجاوز هذه القضية.
** حتى لو اغلقت سياسيا في ظل التقارب مع تركيا؟
– تركيا لم تكن متعاونة منذ بداية قضية خاشقجي، ورفضت منذ البداية إعطاؤنا ملفات التحقيق، أو حتى التسجيلات الصوتية التي حصلت عليها، وللأسف حتى النصوص العربية التي نشرناها عن حديث جمال رحمه الله والنقاش الذي حصل قبل قتله، قمنا بترجمتها من النصوص الانجليزية المترجمة من التركية المترجمة من العربية، وهذا يعطي انطباع غير جيد عن الإدارة التركية وطريقة تعاملها مع القضية منذ البداية.
– هذا ما حاولت قوله للأتراك منذ البداية أن هذا الملف يجب التعامل معه بجدية، فنحن كأبناء مجتمع مدني ومؤسسات حقوقية كان من المفترض أن نتدخل في القضية، خاصة أن القتيل صديق وابن بلدنا ونحن معنيين بالقضية، إلا أن الأتراك سعوا من البداية أن تبقى القضية ثنائية بينهم وبين السعودية لأسباب سياسية واضحة حاليا.
– إذا قررت تركيا أن تغلق الملف من جانبها فهذا أمر متوقع، ولكن ما نؤكد عليه أن القضية ليست سعودية ولا يمكن للنظام السعودي إغلاقها وقتما شاء وكيفما شاء، وهذا يجري على الأتراك أيضا، فالقضية ليست تركية ولا يحق لهم إغلاقها وقتما يشاءون، فالدم ليس للمتاجرة أو التلاعب السياسي.
– لا يستطيع أحد أن يقول إنه يملك قضية رأي عام، يقتل فيها صحفي مرموق في قنصلية بلاده لأنه انتقد النظام، فهذه جريمة سياسية يجب أن يدفع ثمنها من قبل القاتل وكل من يتواطأ معه.
** ما تعليقك على إفراج فرنسا عن المشتبه به خالد العتيبي الذي قالت إنه أحد المتورطين في اغتيال الصحفي جمال خاشقجي بعد ساعات من إعلان اعتقاله؟
– السلطات الفرنسية لا تستطيع أن تفرج عن شخص بعد اعتقاله ويكون هو المطلوب، فهناك فصل بين السلطات في فرنسا، الحكومة الحالية هي حكومة سيئة وهناك رغبة قوية من إدارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لتطبيع العلاقات مع السعودية، لكن ليس هو من يمسك بكل شيء هناك، لأنه ليس سلطة استبدادية، ولا يستطع أن يستبد لأن النظام في فرنسا لا يسمح له بذلك.
– ربما يكون الشخص المقبوض عليه هو الشخص الخاطئ، لأنه لو كان بالفعل هو المتورط في اغتيال خاشقجي فهذا سيكون تبعاته خطيرة جدا على إدارة ماكرون.
ما دلالات تورط أحد أفراد الحرس الملكي في اغتياله؟
– بالطبع ذلك يثبت أن عملية اغتياله كانت بتخطيط مباشر من ولي العهد محمد بن سلمان، خاصة أن أغلب أعضاء خلية الاغتيال كانوا من دوائره، وبعضهم طيارين من القوات الجوية، فما علاقة طيار بعملية الاغتيال؟ العلاقة أن بن سلمان وزيرا للدفاع.
– كذلك بعض أعضاء الخلية من الحرس الملكي وشخصيات كانت أصلا بعيدة عن هذه الأعمال إلا أنها خلية أو مجموعة شكلها بن سلمان على عجل، لأنه جاء من خارج المؤسسات القمعية القديمة التي بناها نايف بن عبدالعزيز، والمنظومة السابقة، فاضطر أن يبني مجموعاته الخاصة، التي هي حتى في أداء الجريمة غير محترفة، ولذلك كانت الجريمة رغم بشاعتها إلا أن هناك أمر يضاف للبشاعة، وهو الفشل الذريع والغباء المستحكم في تنفيذها.
– هذا ينعكس على كامل الفريق الذي يعمل مع بن سلمان، بما فيهم المستشارين والأهم من هذا كله فرقة النمر التي شكلها لتنفيذ عمليات الاغتيال، وأيضا فرقة السيف الأجرب التي شكلها للاعتقالات داخل أسرة آل سعود.
** وبما تفسر زيارة ماكرون للسعودية وما شهدتها من حفاوة؟
– هذا هو الخطأ الكبير الذي حدث من فرنسا وكان يجب ألا يكون، ألا يذهب ماكرون لمقابلة بن سلمان وتطبيع العلاقة معه، في أكبر زيارة من نوعها منذ قتل جمال خاشقجي حتى الآن، فكانت فرنسا هي المبادرة بتطبيع العلاقات مع بن سلمان مع أنها تدعي دعم الحقوق والحريات.
– لكن يمكن القول أن هذه الزيارة والعلاقة بين فرنسا والسعودية تأخرت إلى هذا الوقت بسبب الضغط الحقوقي، فنحن لم ننجح 100% ولا نتصور هذا وليس لدينا وصفة سحرية للنجاح بنسبة 100% وأن نوقف كل شيء، لكنها مسألة تدافع أحيانا يستطيعون أن يذهبوا لتحقيق مصالحهم كما فعل ماكرون وذهب وأحيانا أخرى يقعون تحت الحرج ولا يستطيعون، فالموضوع تدافع سياسي.
– وأحيانا أخرى لا نستطيع أن نحقق كثير من الانجاز، وأحيانا نستطيع ولا زال لدينا كثير من القضايا، ولكن بدون وجود هذا التدافع الوضع سيكون أسوء.