أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، استقالته من منصبه بعد أن فشلت كل محاولاته للخروج من الأزمة السياسية الراهنة.
وأوضح في كلمته التي بثها التلفزيون السودني مساء أمس الأحد، أن حل المعضلة التي تواجه السودان يتمثل في حوار يشمل جميع مكونات المجتمع والدولة للتوافق على ميثاق وطني.
وأفاد حمدوك، بأنه اتخذ هذا القرار بعد أن فشلت مساعيه الأخيرة ولقاءاته مع الشرائح والمكونات السياسية المختلفة للتوصل إلى توافق سياسي يجنب البلاد الانزلاق نحو ما وصفها بالفوضى وعدم الاستقرار.
وقال إن حكومة الفترة الانتقالية تعاملت مع كل التحديات التي واجهتها، وإنها أنجزت اتفاق جوبا الذي أسهم في إسكات صوت البندقية وتوفير مأوى للنازحين، مشيرا إلى أنه حاول تجنيب البلاد الانزلاق نحو الكارثة على حد تعبيره.
وأكد حمدوك، أن حكومته تمكنت من إعفاء الكثير من الديون وكان مأمولا تخفيض 90% من ديون البلاد الخارجية، بالإضافة إلى بسط الحريات ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وأعرب عن يقينه، بانتصار الثورة التي يقودها شباب السودان إذا نجحوا في وضع تصور مشترك للمستقبل، معتبرا أن مشكلة السودان الكبرى هيكلية بين مكوناته المدنية والعسكرية.
وأوضح حمدوك، أن الأزمة الكبرى في البلاد أزمة سياسية لكنها تشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، لافتا إلى أن قبوله التكليف بمنصبه كان نتيجة التوافق السياسي.
وفي نفس السياق، رأى الأمين العام المكلف لحزب الموتمر الشعبي المعارض بالسودان محمد بدر الدين ، أن استقالة عبد الله حمدوك كانت أمرا متوقعا وأنها ستزيد تأزيم الأوضاع، موضحا أن المخرج من الأزمة هو حوار شامل لا يقصى أحدا.
أما صديق يوسف، القيادي بالحزب الشيوعي السوداني، فاعتبر أن تنحي رئيس الوزراء تأخر كثيراِ،ً متوقعا أن تضيّق استقالة حمدوك الخناق على المكون العسكري داخلياً وخارجياً.
وطالبت واشنطن، القادة السودانيين بتنحية خلافاتهم جانبا والتوصل إلى توافق وضمان استمرار الحكم المدني، مؤكدة ضرورة تعيين رئيس للوزراء وحكومة تماشيا مع الإعلان الدستوري لتحقيق أهداف الشعب في الحرية والسلام والعدالة.
وأوضحت وزارة الخارجية الأمريكية في بيانها، أن واشنطن تواصل الوقوف إلى جانب الشعب السوداني وتدعو لوقف العنف ضد المتظاهرين.
وكانت العاصمة السودانية الخرطوم، ومدن أخرى قد شهدت قبل ساعات من إعلان رئيس الوزراء استقالته، مواجهات بين متظاهرين وقوات الشرطة خلفت قتلى وإصابات مختلفة.
وتظاهر الآلاف في الخرطوم ومدن أخرى في إطار ما سمي “مليونية الشهداء” للمطالبة بحكم مدني وإدانة قتل المتظاهرين خلال احتجاجات الأسبوع الماضي.
يشار إلى أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، قد عزل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وأعضاء حكومته واعتقلهم في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكنه أعاده إلى منصبه من دون حكومته إثر ضغوط دولية ومحلية في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ووقّع الرجلان لاحقا اتفاقا لإعادة الانتقال الديمقراطي إلى مساره وطمأنة المجتمع الدولي الذي خفّف من مساعداته بعد “الانقلاب”، ولم يكن الاتفاق مرضيا ًلجميع الأطراف في السودان، لذلك تواصلت الاحتجاجات في الشوارع، كما كان يفترض أن يشكل حمدوك حكومة جديدة لكنه لم يتمكن من ذلك.