قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور خليل العناني، إن الانقلابات العسكرية دائمًا ما تجد من يدعمها من المدنيين، مشيرا إلى دعم بعض القوى الليبرالية في مصر لانقلاب 2013 بقيادة عبدالفتاح السيسي.
وأضاف في فيديو بثه على قناته باليوتيوب، أن معظم الانقلابات العسكرية في العصر الحديث، جاءت بعد استغلال العسكر للاختلافات الأيديولوجية بين القوى السياسية، مثل انقلابي عام 1952 و2013 في مصر.
وأشار العناني، إلى مذكرات خالد محي الدين، أحد الضباط الأحرار الذين لعبوا دورًا هامًا في انقلاب 1952، والذي تحدث عن صدمته من دعم بعض الرموز المدنية والقانونية لحكم العسكر.
حيث ذكر محي الدين، بعضًا منها مثل الفقيه الدستوري والقانوني ورئيس مجلس الدولة خلال فترة الخمسينات عبدالرازق السنهوري، ووكيله سليمان حافظ، إذ كان لهما دورًا فعالًا في بقاء العسكر في السلطة بعد الانقلاب على الملكية في 1952.
ولفت إلى الخلاف بين صفوف مجلس قيادة الثورة، حيث كانت هناك أقلية تطالب بالحكم المدني وعودة الحياة النيابية وعلى رأسهم محي الدين، ويوسف صديق، واللواء محمد نجيب، مقابل أغلبية طالبت بأن يظل حكم العسكر قائمًا.
وقال محي الدين في مذكراته، إن السنهوري وحافظ حذرا الضباط الأحرار من عودة البرلمان وحزب الوفد وإجراء انتخابات جديدة، مضيفا “عمل الفقهاء الدستوريين أنفسهم على إيجاد مخرج لم أكن أنا راضيا عنه، فقد كنت راغبا في عودة الحياة البرلمان”.
وتابع: “كان السنهوري وحافظ، ورئيس الوزراء علي ماهر، يحرضون الضُباط على تجاهل الدستور، واستجاب أغلبيتهم وتقبلوا أرائهم بحماس، بحكم أنهم استشعروا مصلحتهم في إدارة البلاد بأنفسهم”.
وأكد العناني، أن ما حدث آنذاك هو سبب البلاء على مصر وفيما آلت له الأمور جراء حكم العسكر، موضحا أنه من وقتها لم يحترم العسكر القانون أو الدستور.
واستنكر دعم الكثيرين من المحسوبين على الليبرالين للعسكر، والذين يجب أن يكونوا أكثر حرصًا على المسار الديمقراطي، متعجبا من أن الأمور في مصر تسير عكس ذلك.
وقال العناني، إنه خلال العقد الأخير بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011، أيدت رموز ونخب سياسية فكرة استمرار العسكر على رأس السلطة، مشيرا إلى عضو حزب الوفد الليبرالي الدكتور علي السلمي، وعضو الجبهة الديمقراطية دكتور أسامة الغزالي حرب.
ولفت إلى الوثيقة التي أصدرها السلمي في نهاية العام 2011، وعرفت باسم “وثيقة السلمي”، والتي ورد بها بند صادم للجميع وهو التكريس للوصاية العسكرية وعدم الرقابة على المؤسسة العسكرية في مصر.
وأوضح العناني، أن البند نص على عدم خضوع ميزانية الجيش للرقابة، كما أن أي تشريع يخص الشعب يجب أن يحصل على موافقة من الجيش، بما يعني إعطاء العسكر حق “الفيتو” على أي قانون يخص الأمور المدنية.
وأشار العناني، إلى حوار سابق للغزالي حرب في سبتمبر/أيلول 2011، قال فيه ردا على سؤال حول بقاء العسكر في السلطة، “اعتقد أن الجيش يجب أن يظل فترة أطول لوجود مشكلات مثل الانفلات الأمني، وأننا ما زلنا بحاجة إليه “.
كما أكد أن انقلاب 2013، تورطت فيه القوى المدنية سواء بقصد أو عن دون قصد، مذكرا بتصريحات عضوة حزب الوفد دكتورة منى مكرم عبيد، والتي قالت في يونيو/حزيران 2014، إنها شاركت في الانقلاب وتفتخر بمساهمتها في خروج الرئيس الشرعي محمد مرسي من الحكم.
وأضاف أن اجتماع القوى المدنية قُبيل الانقلاب، والذي عقد في منزل الوزير السابق حسب الله الكفرواي، وتحت إشراف رموز أمن الدولة، وخرج ببيان يطالب المجلس العسكري بالتدخل ووقف ما اسموه بـ”حرب أهلية”، كان الفرصة التي استغلها العسكر للاستيلاء على السلطة.
ورأى العناني، أن التاريخ يعيد نفسه، فكما غدر العسكر بالسنهوري بعد انقلاب 52، فإن أغلب القوى التي دعمت انقلاب 2013 إما متواجدة الآن في السجون أو صامتة وخارج الأضواء بعد انتهاء دورها.