رأت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، أن الرئيس المصري المنقلب عبد الفتاح السيسي، يتطلع إلى تحسين صورته “الملطخة”، خلال زيارته لبروكسل لحضور قمة بين “الاتحاد الأوروبي” و”الاتحاد الأفريقي” هذا الأسبوع.
وأكدت في تقريرها، أنه على القادة الأوروبيين استغلال فرصة زيارة السيسي لإثارة المخاوف علنا وسرا، وصياغة دعوات ملموسة للتحسينات، والتعبير عن عواقب وخيمة للحكومة المصرية إذا أمعنت بعدم الامتثال.
وأشارت المنظمة إلى أن حكومة السيسي تحب تلميع صورتها للتستر على انتهاكاتها وصرف الانتقاد الدولي عنها، داعية القادة الأوروبيين إلى تسليط الضوء على أزمة حقوق الإنسان التي تتكشف في ظل حكمه، واتخاذ الخطوات التي طال انتظارها لمعالجتها، بدلا من منح السيسي معاملة لا يستحقها على السجاد الأحمر.
وأفادت بأنه منذ انقلابه على الرئيس الشرعي المنتخب محمد مرسي، ووصوله إلى السلطة في 2013، فقد أشرف السيسي على قمع وحشي قد يكون وصل إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، حيث وقع عدد لا يحصى من حالات الاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، والقتل دون محاكمات، والتعذيب على نطاق واسع.
وقالت المنظمة، إنه لا مفر من تحول جذري في نهج أوروبا تجاه مصر، والذي يطالب به البرلمان الأوروبي والمنظمات غير الحكومية منذ فترة طويلة، لمواجهة القمع الوحشي للحكومة المصرية.
وأضافت أنه أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن السيسي عن إنهاء حالة الطوارئ على مستوى البلاد وسط جلبة كبيرة، ثم أعاد إدخال أحكامها بشكل دائم في قوانين أخرى بعد أيام قليلة فقط.
وتم حظر المجتمع المدني المستقل فعليا من خلال التهديدات العنيفة والترهيب بالإضافة إلى التشريعات المتشددة – التي أشاد بها الاتحاد الأوروبي لسبب غير مفهوم باعتبارها “خطوة إيجابية” – والتي تضع قيودا صارمة على عمل منظمات حقوق الإنسان المستقلة.
وأغلقت “الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان” الحائزة على جوائز أبوابها مؤخرا بعد ما يقرب من 18 عاما على بدء عملها، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى المتطلبات المستحيلة المنصوص عليها في القانون الذي يحكم المنظمات غير الحكومية في مصر.
وعلى الرغم من الأدلة الدامغة على الانتهاكات الجسيمة، فإن القادة الأوروبيين يشيدون بمصر باعتبارها شريكا مهما في إدارة الهجرة ومكافحة الإرهاب، ويقدمون دعما عسكريا وسياسيا غير مشروط لحكومة السيسي، ما يعزز الشعور بالإفلات من العقاب على انتهاكاتها.
وكان نحو 175 من السياسيين الأوروبيين، طالبوا في رسالة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بإنشاء آلية لمراقبة ومعالجة أزمة حقوق الإنسان في مصر، حيث حثوا على اتخاذ “إجراءات حازمة” قبل الدورة المقبلة للمجلس في مارس/آذار.
واتهمت الرسالة المجتمع الدولي بالفشل المستمر في اتخاذ أي إجراء هادف لمعالجة أزمة حقوق الإنسان في مصر، مفيدين أن هذا الفشل ، إلى جانب الدعم المستمر للحكومة المصرية، والإحجام عن التحدث ضد الانتهاكات المتفشية، أدى إلى تعميق شعور السلطات المصرية بالإفلات من العقاب.
كما شجب نواب أوروبيون إعلان حكومة السيسي بشأن استراتيجية حقوق الإنسان والخطوات المتخذة لتخفيف الانتهاكات، ووصفوها بأنها “محاولة لتبييض سجلهم الحقوقي السيئ”، الذي “من غير المرجح أن يكون له أي تأثير كبير على أزمة حقوق الإنسان في مصر”.
وكان السيسي قد كشف عن “الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان”، وهي وثيقة لا تعترف حتى بوباء التعذيب والاختفاء في ظل حكمه، ناهيك عن معالجته.