شدوى الصلاح
وصف مصدر كويتي فضل عدم ذكر اسمه، السياسي البارز الدكتور أحمد الخطيب، الذي توفي الأحد 6 مارس/آذار 2022، عن عمر يناهز الـ95 عاما، بمايسترو المشهد السياسي الكويتي، مشيرا إلى أنه ينحدر من أسرة بسيطة وبسبب خلفيته الاجتماعية لقب “بممثل الفقراء” ولكن هذا لم يمنعه من الطموح بالدراسة.
وأوضح في حديثه مع الرأي الآخر، أن تطلع الخطيب، أوصله إلى أن أصبح أول طبيب كويتي تخرج من الجامعة الأميركية في بيروت، وتأثر هناك بالفكر القومي العربي وأسس حركة القوميين العرب مع جورج حبش وحامد الجبوري ووديع حداد وهاني الهندي وكان له دوراً مؤثراً داخلها بسبب شخصيته الاجتماعية المرحة ودبلوماسيته المميزة.
ولفت المصدر الذي سبق والتقى الخطيب مراراً، إلى أن الخطيب احتفظ من خلال شخصيته بعلاقات مع الأنظمة السياسية والحركات المعارضة في العالم العربي، ولعبت حركة القوميين العرب دوراً سياسيًا مهما في العالم العربي في فترة ممتدة منذ الخمسينات وإلى أواخر الستينيات وتحديداً بعد هزيمة 1967.
وأكد أن حل الحركة لم يوقف الخطيب، فاستمر في دعم حركات التحرر في العالم العربي عامةً وحركة الحريات والديمقراطية في الخليج لإيمانه بقضية القومية العربية، وكان يملك شبكة اتصالات واسعة عربية وأجنبية.
وأضاف أن وقوع الغزو العراقي للكويت واختلاف التيارات اليسارية في اتخاذ قرار في شأن الغزو العراقي للكويت وميلها للجانب العراقي على الجانب الكويتي وتراجع تلك التيارات لاحقاً عن المشهد السياسي العربي تسبب في تركيز الخطيب بشكل أكبر على الشأن الكويتي، وأصبح مدافعا وناصحا بالتمسك بالديموقراطية والنظام السياسي.
وأشار المصدر، إلى أن الخطيب لم يكن شخصية تصادمية أو ثورية داخل المشهد السياسي الكويتي إطلاقًا كان دائماً يحرص على الإمساك بالعصا من المنتصف، وكان على الصعيد المحلي في الكويت نشطا جدا في فترة الخمسينيات مطالباً بنصرة القضية العربية، ويلهم أبناء الشعب.
ولفت إلى أنه تمكن من ذلك بخطاباته وأحاديثه ومقالاته بأهمية الوحدة العربية والتحرر من الاستعمار وتحسين مستوى الفرد وتخفيف سطوة أسرة الحكم على الدولة، وتعرض طوال فترة عمله السياسي بسبب مواقفه إلى التنمر من أبناء أسرة الحكم أو أتباعها بإسقاطات عنصرية على لون بشرته أو خلفيته الاجتماعية والاقتصادية.
وأكد المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن الخطيب كان يملك ثقة بالنفس ولم تؤثر به تلك الإسقاطات أو توقفه وبقي ثابتاً على المبدأ نفسه وهو تحرر الشعوب والديموقراطية.
وذّكر، بأن الخطيب لعب دورا مهماً في كتابة دستور الكويت بعدما تم إقرار إصلاح النظام السياسي من الأمير عبدالله السالم؛ ولأسباب دولية وإقليمية ونصيحة بريطانية توجه السالم إلى الإعلان عن انتخابات مجلس تأسيسي تكون مهمته كتابة دستور دولة الكويت، وترشح الخطيب ونجح وحاز على منصب نائب رئيس المجلس التأسيسي عام 1962.
وأضاف المصدر، أن بسبب لون بشرة الخطيب وانتشار الفكر الجاهلي لم يتم تخصيص مقعد له بجانب مقعد الرئيس لنائب الرئيس، وعند غياب الرئيس تلغى الجلسة لكي لا يترأس الخطيب الجلسات، موضحا أنه لم يسلم من الاتهام بالكفر، لكن هذا لم يثنيه عن العمل والمساهمة في كتابة الدستور لتنتقل الكويت من إمارة إلى دولة كما ذكرها في مذكراته.
وتابع: “بقي أحمد الخطيب مدافعاً عن دولة الدستور والقانون والمجتمع المدني يدعم ويتبنى جميع المبادرات الإصلاحية السياسية مدافعاً عن الإصلاحيين حتى ولو اختلف معهم أيدلوجيا وفكرياً إلى وفاته، كارها الخطابات الإقصائية والقبلية والفئوية والطائفية التي مزقت الدولة، و مقاربا بين وجهات النظر بين المعارضة ونظام السياسي.
واختتم قائلا: “كانت الكويت فعلاً في قلبه خائفاً من حالة التراجع السياسي التي أرجعت الدولة إلى إمارة مرة أخرى، وكان سعيداً بنهضة الشباب العربي في الربيع العربي مطالباً بالحرية والديموقراطية”.