أكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، أن القوانين والإجراءات التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد، ستعصف بالمكاسب الكبيرة لحريّة تكوين الجمعيات التي تحققت عقب ثورة الياسمين في 2011.
وأشارت المنظمة، في بيانها إلى أن تلك الإجراءات ستكون ضربة لضمانات حقوق الإنسان منذ استحواذ سعيد على السلطة في يوليو/تموز الماضي،
كما لفتت المنظمة الدولية في بيان لها، إلى تحذير أطلقته 13 منظمة حقوقية تونسية ودوليّة الجمعة، وطالبت فيه السلطات بالتخلّي فورا عن خططها، لفرض قيود جديدة على منظمات المجتمع المدني.
وطالبت المنظمة السلطات التونسية باحترام وحماية وتعزيز الحق في حرية تكوين الجمعيات، المنصوص عليه في المادة 22 من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة”، والمادة 10 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان.
وقالت هيومن رايتس ووتش” بأنه خلال هذه السنوات العشر منذ الإطاحة ببن علي، أدت المنظمات غير الحكومية في تونس دورا حاسما في توفير الخدمات الأساسية للناس ومحاسبة الحكومة. لذلك، ينبغي تعزيز عملها وحمايته وليس تهديده”.
ووفقا للمنظمة الدولية، “تعمل العديد من منظمات المجتمع المدني في مجالات مثل التعليم والحياة الثقافية، وتسعى أخرى إلى مساعدة ضعاف الحال والمهمّشين والمستضعفين.
وأشارت المنظمة، إلى أن المجتمع المدني أدى دورا محوريا في جهود الانتقال إلى مجتمع أكثر حرّية وعدالة في تونس ما بعد الثورة، عبر ترسيخ قِيَم حقوق الإنسان وسيادة القانون في النقاش العام، ودفع صانعي السياسات إلى تضمينها في السياسات العامة”.
ووفقا للقانون الحالي، يتعيّن على منظمات المجتمع المدني نشر تفاصيل كل التمويلات الأجنبيّة. وسيفرض الفصل 35 من المسودّة المسرّبة شرطا جديدا، يقضي بموافقة “اللجنة التونسية للتحاليل المالية”، وهي وحدة تابعة للبنك المركزي التونسي مكلّفة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأكدت المنظمة “رغم أنّ مكافحة غسيل الأموال والإرهاب أهداف مشروعة، لا يجب استخدامها كذريعة لحظر التمويل الأجنبي على منظمات المجتمع المدني عبر اشتراط الحصول على موافقة مسبقة”.
وسُرِّب مؤخرا مشروع قانون لتنظيم منظمات المجتمع المدني، من شأنه أن يمنح للسلطات صلاحيات واسعة وسلطة تقديرية للتدخل في طريقة تكوين منظمات المجتمع المدني، ووظائفها، وأعمالها، وتمويلها، وقدرتها على التحدث علنا عن عملها والتعبير عن آرائها. وفقا للتقرير.
ووفقا للقانون الحالي، لا يُمكن حلّ منظمات المجتمع المدني إلا بإرادة أعضائها، أو عبر المحاكم من خلال عريضة تقدّمها الحكومة.
وسيُمكّن المشروع المُسرّب السلطات في “الإدارة المكلّفة بالجمعيات برئاسة الحكومة” من حلّ منظمات المجتمع المدني التي ظلّت غير نشطة لفترة زمنية دون سابق إنذار. وقد يسمح أيضا للسلطات بحلّ هذه المنظمات متى شاءت وخارج الأطر القضائية، رغم أنّ الأحكام ذات الصلة غامضة.
نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية آمنة القلالي، قالت إن على التونسيين أن يدركوا من واقع تجربتهم؛ المخاطر التي يُمكن أن تُشكّلها القوانين التقييدية على المجتمع المدني والنقاش العام.
وأكدت أن السلطات استخدمت حقبة بن علي القمعيّة لفرض قوانين تعسّفية للجمعيات وإجراءات إدارية مرهقة كأدوات أساسية لخنق المعارضة.
وكان سعيد، قد اتهم في خطاب مصوّر ألقاه يوم 24 من فبراير/شباط الماضي، منظمات المجتمع المدني بخدمة مصالح أجنبية ومحاولة التدخل في السياسة التونسية، وقال إنه ينوي حظر جميع أشكال التمويل الخارجي عليها.
وفي 25 يوليو/تموز الماضي، أقال سعيّد رئيس الحكومة آنذاك هشام المشيشي، وعلّق عمل البرلمان. وفي 22 سبتمبر/أيلول الماضي، أصدر المرسوم الرئاسي رقم 117-2021، الذي علّق بموجبه العمل بالجزء الأكبر من الدستور.
ومنح للرئيس الحق الحصري في سنّ قوانين بالمراسيم، وحلّ هيئة مؤقتة لمراجعة دستورية القوانين، ومنع الجميع من إبطال القوانين عبر المحكمة الإدارية التونسية.
وفي فبراير/شباط، أضعف سعيّد استقلالية القضاء بإصدار مرسوم حلّ فيه “المجلس الأعلى للقضاء”، أعلى هيئة قضائية مستقلّة أنشئت في 2016 لحماية القضاة من نفوذ الحكومة، ومنح لنفسه صلاحيات واسعة للتدخل في عمل السلطة القضائية.