كتبت: ابتسام آل سعد
يا سبحان الله، ففي الوقت الذي قلنا فيه إننا سنعود لحياتنا الطبيعية ونمضي لنعيش كما كانت الحياة قبل عام 2020 ها نحن ذا نقبل على عام 2022 والأمور شيئا فشيئا تعود إلى بداياتها التي بدأ فيروس كورونا في الانتشار من بؤرته الرئيسية في الصين لكن هذه المرة فعودته لا بؤرة مستجدة لها وإنما من رحم متحوراته الكثيرة التي كنا نأمل أن تضعفه وتحد انتشاره وتأثيره ولكن هذا الفيروس الذي ينجب كل عدة شهور متحورات أكثر شراسة منه بات مصمما أكثر على وقف كل أشكال الحياة الطبيعية فها هو يهدد بجدية بوقف أي احتفالات لرأس السنة في أوروبا بينما تأخذ الدول العربية استعداداتها الحثيثة لإغلاقات جديدة تعيدها للمربع الأول لانتشار الفيروس في الوقت الذي تأخذ دول شرق آسيا ترتيباتها النهائية لتحديد وجهات السفر والتشديد على الإجراءات الاحترازية للقادمين والمغادرين وداخل أراضيها بينما تتحمل الدول الإفريقية هذه المرة المسؤولية الكاملة لتكون بؤرة انتشار متحور أوميكرون الذي لا تزال منظمة الصحة العالمية تروج له أنه يعد آخر إصدارات كورونا وأكثرها انتشارا.
في قطر عُقد مؤتمر صحفي يوم الأربعاء الماضي حول آخر مستجدات الفيروس في قطر والتحدث عن أوميكرون الذي تم اكتشاف أربع حالات منه لدى القادمين إلى البلاد من مواطنين ومقيمين وفي الوقت الذي تم طمأنة الشعب في أن هذه الحالات تم حجرها صحيا فقط دون الحاجة لإدخالها المستشفى إلا أن وزارة الصحة رأت أن هناك ما أسمته (تراخيا متعمدا) من المجتمع سبب ازدياد معدل الإصابات ورفع مؤشر الإصابة لدى كافة الأعمار للمواطنين والمقيمين مستدلة بعودة المصافحة التقليدية بين الأفراد وعدم الحرص على التباعد الاجتماعي بالإضافة إلى التساهل في لبس الكمامات في الأماكن العامة وإنني وإن كنت قد كتبت مقالا منذ يومين يُحمّل فيه أفراد المجتمع سبب ارتفاع معدل الإصابات إلا أنني اليوم لا يمكن أن أجد سببا تغاضت فيه وزارة الصحة عن ذكر أسباب أخرى جوهرية كنت أيضا قد صغتها في مقالي ذاك وهي أن الانفتاح التدريجي لمراحل العودة الطبيعية للحياة التي وصلنا فيها للمرحلة الرابعة وهي قبل الأخيرة من خطة الانفتاح الكامل قد أعطت انطباعا كبيرا بأن الحياة فعلا قد عادت لطبيعتها ولم تعد هناك أي قيود كالتي تطالب بها وزارة الصحة اليوم وتريدنا أن نتقيد بها فحتى يعيش بيننا قد اختفت وبات الأمر طبيعيا في التجمعات العائلية والأفراح والمناسبات والمجالس وما عاد هناك أي محظورات حتى عندما يفوق عدد الحضور في الأعراس السعة المسموح بها لذا لا تلوموا المجتمع وحده في هذا التراخي إن كانت خطة الانفتاح من الأساس أزالت قيودا حتى على مستوى التحذير والتنبيه ناهيكم عن عودة بعض الأمور التي كانت محظورة ومنها عودة الشيشة للأماكن المفتوحة التي وإن كانت مفتوحة إلا أن المشهد الذي تظهر عليه ساحة سوق واقف التي تزخر من على جانبيها مشاهد الشيش والأدخنة المتصاعدة في ممرات ضيقة يمر بها الصغير والرضيع والعجوز والشباب من الجنسين ناهيكم عن التجمهر حول هذه القهاوي الشعبية يعد من أسباب التراخي الذي لم يكن أفراد المجتمع سببا وحيدا فيه في الوقت الذي كان يجب أن يؤجل فيه فتح مثل هذه النشاطات التي ظلت معلقة منذ ما يزيد عن العام والنصف في قرار حكيم فعلا ولذا فإن التراخي يمكن أن يكون شراكة بين أفراد المجتمع وبين من ساهم في زيادة أوجه الانفتاح الذي كان يمكننا تأجيله لحين التأكد من نجاعة اللقاحات والجرعات التنشيطية لها والتأكد من أن الفيروس في نهاية ذروته وضعفه من الداخل لكن اليوم أنا أقولها بصراحة وهو أن هناك من عزز التهاون والتراخي الذي خرج به أفراد المجتمع الذين لا يتحملون وحدهم وزر ارتفاع مؤشر الإصابة ولذا حاولوا أن تصلوا لحلول تبدأ بالمسؤولية على الجميع وتنتهي بالتعاون بين الجميع.
المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي “الرأي الآخر”