اعربت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، عن اسفها لإغلاق المنظمة الحقوقية المصرية البارزة “الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان”، والتي تعد إحدى المنظمات الحقوقية المستقلة الرائدة في مصر منذ 18 عاما.
وأكدت في بيانها اليوم الخميس أن إغلاق المنظمة يعد ضربة خطيرة لمستقبل المجتمع المدني المستقل في مصر، وعلامة جديدة على الحالة الحقوقية المتردية في البلاد.
وأشارت “هيومن رايتس ووتش” إلى أن قانون 2019 يفرض قيودا صارمة على عمل منظمات المجتمع المدني، ورقابة حكومية شديدة، تشمل شرط تسجيل جميع المنظمات غير الحكومية لدى وزارة التضامن الاجتماعي.
وأفادت بأن الشبكة العربية، قد قالت للمنظمة إنها غير قادرة على تلبية هذه المتطلبات ولا ترغب في تلبيتها، حيث يحظر قانون 2019 أي عمل مدني دون تسجيل مسبق لدى وزارة التضامن، بالإضافة إلى أن إجراءات التسجيل معقدة ومرهقة، وتتطلب مئات الصفحات من التوثيق للأنشطة السابقة، ومصادر التمويل، والأنشطة المزمع إجراؤها.
كما يسمح القانون للجهات الحكومية بإغلاق أي منظمة فاعلة غير مسجلة بالقوة وتجميد أصولها، ويمكن للمحكمة الإدارية أن تأمر بحلها، ولا يُعتبر التسجيل نهائيا إلا بعد موافقة وزارة التضامن علنا على تسجيل المنظمة، بحسب نص البيان.
ورغم أن هناك مقترحا حكوميا بتمدد الموعد النهائي للتسجيل في كانون الثاني/ يناير لستة أشهر أخرى، إلا أن مؤسس الشبكة العربية ومديرها جمال عيد قال للمنظمة، إن أي تأجيل “لا يغيّر الوضع؛ لعدم وجود مؤشر على انتهاء الانتهاكات والتهديدات ضدنا”.
ومن جانبه، أكد نائب مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “هيومن رايتس ووتش”، جو ستورك أن قرار الشبكة العربية الصعب بالإغلاق بعد نحو عقدين من الزمن يُثبت للأسف أن هدف الحكومة المصرية هو إسكات المجتمع المدني المستقل الناقد.
وشدد على أنه لا يمكن للمجتمع الدولي أن يتحمل السماح للدولة المصرية بإبادة المجتمع المدني الذي كان حيويا في السابق بهذه التكلفة الزهيدة، وعليه الضغط على الحكومة لإلغاء قانون الجمعيات (الأهلية)”.
وكانت الشبكة العربية قد أعلنت، في 10 يناير/كانون الثاني الجاري، اتخاذها لقرار الإغلاق، بعد تعرضها لـ “سلسلة من التهديدات، والاعتداءات العنيفة، والاعتقالات من قطاع الأمن الوطني المصري، فضلا عن المهلة التي تشارف على الانتهاء، وتفرض على جميع المنظمات غير الحكومية التسجيل بموجب قانون الجمعيات.
فيما جاء قرار المنظمة المصرية بسبب الموعد النهائي للتسجيل في كانون الثاني/ يناير، المنصوص عليه في اللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات الأهلية الصادرة في 2021.
وكان الحقوقي البارز جمال عيد، قد أسس “الشبكة العربية” عام 2004؛ لتعزيز حرية التعبير، وتقديم المساعدة القانونية للنشطاء والصحفيين، ومنذ 2019، وثّقت المنظمة بشكل مستفيض الظروف الصعبة في السجون المصرية.
وتعرض عيد لاعتداء جسدي مرتين خلال عام 2019، وأشارت الملابسات إلى تورط قوات الأمن بذلك، كما أنه يخضع لمنع سفر وتجميد الأصول منذ عام 2016، ولا يمكنه فتح حسابات بنكية أو التعامل رسميا مع أطراف ثالثة حتى إغلاق القضية رقم 173، المعروفة إعلاميا بقضية “التمويل الأجنبي” المستمرة منذ عشر سنوات.
يشار إلى أن “الشبكة العربية” و”عيد”، قد حصلوا على جوائز دولية لعملهما في حرية التعبير وحرية الصحافة في مصر.
وفي عام 2011، حصل “عيد” على جائزة “زعماء الديمقراطية” من “مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط”، وهي منظمة غير حكومية مقرها واشنطن.
وفي سياق آخر، أدانت ممثلة تحالف البحر المتوسط، الانتهاكات المستمرة بملف حقوق الإنسان في مصر، مناشدة السلطات المصرية لاتخاذ إجراءات تصحيحية سريعة، وذلك في مداخلة بجلسة منتدى شباب العالم أمس الأربعاء، المقام حاليا بمدينة شرم الشيخ.
وأكدت ممثلة التحالف أن مصر رغم التطور المحدود الذي ظهر في اعتماد استراتيجية حقوق الإنسان، إلا أن التحالف يشعر بالقلق من حالات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري وقمع المجتمع المدني وانتهاك حقوق السجناء.
فيما رفض رئيس وفد مصر بجلسة محاكاة مجلس حقوق الإنسان، انتقادات ممثلة تحالف البحر المتوسط، زاعما أن بلاده بذلت جهودا لترسيخ حقوق الإنسان وأطلقت استراتيجية حقوق الإنسان، التي لم تقتصر على الحقوق المدنية والسياسية فقط مع أهميتها.
وقال إنها ادعاءات نرفضها جملة وتفصيلا، حيث أدعى أن مصر دعمت الحق في الحياة، وواجهت عبر مؤسسات إنفاذ القانون موجة إرهابية، بإجراءات استثنائية لحماية المواطنين ومع نجاح الجهود فإنها ألغت حالة الطوارئ (في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2021).
كما رأى رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، أن خطاب ممثلة تحالف البحر المتوسط حول حقوق الإنسان بمصر، كان قاسيا جدا، وقال: “لكن صدقوني أن الواقع الموجود في مصر ليس كذلك، وبالتالي فإن هذا شكل من أشكال الإساءة بقصد أو بدون قصد للدولة المصرية”.
وكان اتحاد القوى الوطنية المصرية المعارض، قد طالب أول أمس الثلاثاء، شباب العالم الموجودين في المنتدى بالحديث عن “الانتهاكات الحقوقية”، متسائلا: “أم أن المحاكاة التي ستتم لأعمال مجلس حقوق الإنسان في جنيف هي تمثيلية شكلية؟”.
كما دعت منظمات حقوقية، السبت الماضي، السلطات المصرية إلى الإفراج عن جميع معتقلي الرأي “المعتقلين تعسفيًا بسبب ممارستهم حقوقهم الأساسية، ووضع حد لإساءة استخدام قوانين مكافحة الإرهاب، وحذف أسماء كل من أضيف تعسفيًا إلى قائمة الأشخاص والكيانات الإرهابية في مصر”.
ومن بين المنظمات الموقعة للبيان مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، منظمة العفو الدولية، مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الانسان، مسيحيون من أجل القضاء على التعذيب – فرنسا، مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسى لضحايا العنف، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومبادرة الحرية.
يشار إلى أن منذ انقلاب السيسي في يوليو/تموز 2013، على الرئيس الراحل محمد مرسي، يقبع في السجون عشرات الآلاف من المعتقلين المتهمين بانضمامهم إلى الإخوان المسلمين، التي اعتبرتها السلطات حركة إرهابية، ومع أي أزمة اقتصادية أو اجتماعية تحدث، تعتقل أجهزة الأمن المئات، وذلك في ظل إحكام السيطرة التامة على الإعلام.