تبادلت كلا من الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا الاتهامات بشأن أحداث مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، وذلك خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، مساء أمس الخميس.
وأعرب نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة دميتري بولانسكي، خلال الجلسة عن قلق بلاده من الغارات الجوية الأميركية التي أدت إلى سقوط ضحايا غير معروف عددهم حاليا.
وطالب بحماية المدنيين خصوصا في ظل نزوح حوالي 45 ألف شخص من الحسكة بسبب الاشتباكات بين عناصر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وقوات سوريا الديمقراطية “قسد”.
وأشار إلى أن 100 من عناصر تنظيم الدولة تمكنوا من دخول السجن، وبدؤوا بالانتشار داخل المهاجع، بينما قامت الطائرات الأميركية بشن غارات مكثفة تسببت في هدم مبانٍ تابعة لجامعة الفرات وشركة للمحروقات ومحطة لتوليد الطاقة.
وبدوره علق نائب المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة ريتشارد ميلز، على إفادة نظيره الروسي بأن الوفد الروسي قام بتحويل هذه المنصة إلى كتلة من المعلومات المضللة مدفوعة بفن البلاغة والأكاذيب حول دور الولايات المتحدة في سوريا.
وقال ميلز: “نحن نفي بالتزاماتنا بموجب قانون النزاعات المسلحة، بما في ذلك الالتزامات التي تتناول حماية المدنيين”.
وفي نفس السياق، أكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، خلال الجلسة أن الهجوم على سجن الحسكة، وما تلاه، هو تذكير حي آخر بمدى عدم استقرار المناطق الأخرى من البلاد.
وأعرب عن قلقه العميق بشأن مصير مئات الأطفال المحاصرين في سجن الحسكة، قائلا إننا قلقون بشدة إزاء مصير مئات الأطفال المحاصرين في سجن الحسكة المرعب، وإنني على يقين أنكم كذلك “يقصد ممثلي الدول الأعضاء بالمجلس”.
وشدد غريفيث، على أهمية نقل هؤلاء الأطفال إلى بر الأمان وتقديم الدعم لهم، مؤكدا أن هؤلاء بحاجة إلى إعادة الاندماج في مجتمعاتهم وإعادة بناء حياتهم وما كان يجب أن يكونوا في السجن أبدا.
كما قدم ما وصفه بصورة “حزينة وتراجيدية” للوضع الإنساني في سوريا، مؤكدا أن مسؤولية دول العالم تجاه مأساة السوريين لم تنته، قائلا إننا نخذل الشعب السوري صغارا وكبارا.
وأضاف غريفيث: “إذا تمت حماية المدنيين، وتم توفير الإغاثة الكافية، واستمرت الخدمات الاجتماعية الأساسية، فبإمكاننا القول إننا نقدم الحد الأدنى”، متابعا: “لكن يؤسفني أن أقول إننا لم ننجح حتى في ذلك”.
وطالب بضرورة وجود حلول دائمة للأشخاص الذين يعيشون في المخيمات، منبها أن التمويل الحالي يخوّل المنظمات الإنسانية مساعدة فقط نصف ممن يحتاجون إلى عناصر وأساسيات البقاء على قيد الحياة، البالغ عددهم أكثر من أربعة ملايين شخص في سوريا.
وأشار غريفيث، إلى أن الطقس البارد تسبب بتضرر آلاف الخيام شمال غرب سوريا، حيث “يحرق النازحون القمامة للتدفئة، ويخاطرون بالاختناق، وذلك للاحتماء من درجات حرارة تنخفض إلى أقل من الصفر في الخيام”.
وشدد على أنه لا يمكن أن تكون الاستراتيجية هي الفشل كل عام، مطالبا بتخفيف العبء عن المدنيين السوريين، من خلال العمل مع الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية الأخرى بشأن نهج جديد.
ولفت غريفيث، إلى أن الأزمة الاقتصادية في سوريا تزداد سوءا، حيث ترتفع أسعار الطعام أكثر، وبلغت تكلفة متوسط الغذاء مستويات عالية جديدة في كل شهر من الأشهر الأربعة الماضية، كما أن إنتاج الغذاء المحلي يبعث على القلق.
من جانبه طالب الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين يان إيغلاند، من مجلس الأمن المساعدة في التفاوض على حلول للنزاعات في إدلب ومناطق أخرى، كما دعا إلى تمكين آليات مناسبة للرصد والتحقيقات والمساءلة عن الهجمات.
وحث الدول المانحة على ألا تدير ظهرها في عام 2022 لسوريا، وتقديم ما يكفي لدعم الاستجابة الإنسانية، قائلا: “في حين أن سوريا تلاشت من عناوين الأخبار الدولية، ازداد الوضع على الأرض سوءا بشكل كبير، وأن عام 2021 كان من أسوأ الأعوام المسجلة بالنسبة للمدنيين السوريين”.
وتفجرت الأوضاع في الحسكة عندما هاجمت مجموعة تابعة لتنظيم الدولة محيط سجن “الصناعة” في المدينة التي تسيطر عليها القوات الكردية، وفجرت سيارة مفخخة وتمكنت من دخوله، ما أدى إلى فرار عشرات من عناصر التنظيم المحتجزين فيه.